يرتحل عَنْهَا حَتَّى يدخلهَا أَو يحول الْمَوْت دونهَا وَأَرَادَ أَن يقدمهَا بِالْفَتْح على غَيرهَا فبذل إِلَيْهِ أميرها المستعين بن هود مَالا عَظِيما فَلم يقبله مِنْهُ وَقَالَ المَال والبلاد لي وَبعث إِلَى كل قَاعِدَة من قَوَاعِد الأندلس جَيْشًا لحصارها والتضييق عَلَيْهَا ثمَّ ملك مَدِينَة طليطلة من يَد صَاحبهَا الْقَادِر بن ذِي النُّون سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة فَكَانَ ذَلِك من أقوى الْأَسْبَاب المحركة لعزائم الْمُسلمين بالأندلس وَالْمغْرب على الْجِهَاد
الْخَبَر عَن الْغَزْوَة الْكُبْرَى بالزلاقة من أَرض الأندلس
لما انقرضت دولة بني أُميَّة بالأندلس صدر الْمِائَة الْخَامِسَة بعد نزاع بَين أعياصها شَدِيد وقتال مِنْهُم عريض مديد وخلفتها الدولة الحمودية فَلم يطلّ أمدها حَتَّى اقتسمت رُؤَسَاء الأندلس مملكتها وتوزعوا أَعمالهَا وَصَارَت الْحَال إِلَى مَا قَالَ ابْن الْخَطِيب
(قَامَ بِكُل بقْعَة مليك ... وَصَاح فَوق كل غُصْن ديك)
فَوجدَ الْعَدو السَّبِيل إِلَى الِاسْتِيلَاء على ثغور الْمُسلمين وانتهاز الفرصة فِيهَا بالتضريب بَين مُلُوكهَا وإغراء بَعضهم بعض وَكَانَ مِنْهُم ابْن عباد بإشبيلية وَابْن الْأَفْطَس ببطليوس وَابْن ذِي النُّون بطليطلة وَابْن هود بسرقسطة وَمُجاهد العامري بدانية وَغير هَؤُلَاءِ وَكلهمْ يُدَارِي الطاغية ويتقيه بالجزية إِلَى أَن كَانَ من أَمر الأذفونش مَا كَانَ من تخريب بِلَاد الْمُسلمين واستيلائه على طليطلة بعد حصاره إِيَّاهَا سبع سِنِين ثمَّ حصاره سرقسطة
فَلَمَّا رأى رُؤَسَاء الأندلس مَا نزل بهم من مضايقة عَدو الدّين واستطالته على ثغور الْمُسلمين أجمع رَأْيهمْ على إجَازَة يُوسُف بن تاشفين فكاتبه أهل الأندلس كَافَّة من الْخَاصَّة وَالْعُلَمَاء يستصرخونه فِي تَنْفِيس الْعَدو عَن مخنقهم ويكونوا مَعَه يدا وَاحِدَة عَلَيْهِ