أَمر السُّلْطَان رَحمَه الله الْقَائِد قدور بن الْخضر أَن يسرح البَاقِينَ من إخوانه وَيضم إِلَيْهِم من الودايا والمغافرة تَكْمِلَة ألف ويشرد من عداهم إِلَى قبائلهم وحللهم ثمَّ عين السُّلْطَان رَحمَه الله لأولئك الْألف إصطبل مكناسة ينزلون بِهِ وَيكون قَصَبَة لَهُم فحملوا أَوْلَادهم إِلَى مكناسة واستوطنوها مَعَ العبيد غير أَنهم قد انفردوا بالإصطبل كَمَا قُلْنَا وَولى عَلَيْهِم السُّلْطَان الْقَائِد قدور بن الْخضر وَكَانَ أَصْغَرهم سنا وأكملهم عقلا وأصدقهم خدمَة وَأمره بتأديبهم وإجراء الْأَحْكَام عَلَيْهِم حَتَّى رئموا ملكة الدولة وَسَكنُوا تَحت تصريفها وخضعوا لأمرها ونهبها وَأخذ السُّلْطَان فِي دفع الْخَيل وَالسِّلَاح والكسى لَهُم شَيْئا فَشَيْئًا إِلَى أَن أركبهم كلهم فصلحت أَحْوَالهم ونمت فروعهم واستمروا بمكناسة إِلَى أَن ردهم إِلَى فاس الْجَدِيد الْمولى يزِيد بن مُحَمَّد لأوّل ولَايَته كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي هَذِه السّنة أَعنِي سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة وَألف بَاعَ السُّلْطَان أمكاس فاس لعاملها الْحَاج مُحَمَّد الصفار بِاثْنَيْ عشر ألف مِثْقَال فِي السّنة ثمَّ ارتحل إِلَى مراكش فاحتل بهَا إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ
مَجِيء السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله من مراكش إِلَى الغرب مرّة أُخْرَى وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك
ثمَّ دخلت سنة خمس وَسبعين وَمِائَة وَألف فِيهَا خرج السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله رَحمَه الله من مراكش يُرِيد بِلَاد الغرب وعرج فِي طَرِيقه على جملَة من الْقَبَائِل الَّذين كَانُوا مشتغلين بِالْفَسَادِ فأوقع بهم وشرد بهم من خَلفهم وَذَلِكَ أَنه وصل إِلَى بِلَاد الشاوية فنهبهم وانتسف أَمْوَالهم وقتلهم وَقبض على عدد كثير مِنْهُم بَعثهمْ فِي السلَاسِل إِلَى مراكش ثمَّ عدل إِلَى جِهَة تادلا فَمر على برابرة شقيرين من آيت ومالو فنهب أَمْوَالهم وَقتل من ظفر بِهِ مِنْهُم ثمَّ سَار إِلَى بِلَاد الغرب عَازِمًا على الْإِيقَاع بعرب الحياينة لإفسادهم