الْمَذْكُور فَأَنْشَأَ أَبُو مَالك فِي الْحِين خطْبَة بليغة ونسج الصُّلْح على منوال عَجِيب واخترع أسلوبا غَرِيبا تحير فِيهِ الْحَاضِرُونَ وعجبوا من ثبات جأشه وجموم قريحته فِي مثل ذَلِك المشهد الْعَظِيم الَّذِي تخرس فِيهِ ألسن الفصحاء هَيْبَة وإكبارا فَقَامَ قَاضِي الْجَمَاعَة وَقَبله بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ جَزَاك الله عَن الْمُسلمين خيرا وَمَا هِيَ بِأول بركتكم يَا آل أبي بكر وَكَانَ ذَلِك كُله فِي حُدُود أَرْبَعِينَ وَتِسْعمِائَة اه
غَزْوَة الْحمر قرب آصيلا حرسها الله
ذكر صَاحب الدوحة فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن عُثْمَان الشاوي رَحمَه الله أَنه اسْتشْهد فِي وقْعَة الْحمر الَّتِي كَانَت فِي حُدُود أَرْبَعِينَ وَتِسْعمِائَة بَين النَّصَارَى والقائد عبد الْوَاحِد بن طَلْحَة العروسي على مقربة من آصيلا قَالَ حَدثنِي غير وَاحِد مِمَّن يوثق بِهِ مِمَّن حضر الْوَقْعَة وَبَعْضهمْ يصدق بَعْضًا قَالُوا لما انهزم النَّاس اسْتقْبل الشَّيْخ أَبُو الْحسن النَّصَارَى وسيفه فِي يَده وَهُوَ يَتْلُو بردة البوصيري فَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ وَلما رَجَعَ النَّاس من الْغَد ليحملوا قتلاهم لم يُوقف لَهُ على عين وَلَا أثر وَإِنَّمَا وجد غنباز من لِبَاسه عِنْد النَّصَارَى وَفِيه أثر طعنة فِي صَدره اه كَلَام الدوحة
وَفِي الْمرْآة أَن الشَّيْخ الْمَذْكُور مَاتَ فِي حَيَاة شَيْخه الغزواني شَهِيدا فِي الْجِهَاد سنة خمس وَعشْرين وَتِسْعمِائَة اه وَلَعَلَّه الصَّوَاب
والعروسي الْمَذْكُور هُوَ من أُمَرَاء بني عبد الحميد العروسيين أَصْحَاب قصر كتامة وَكَانَت لَهُم رياسة وسياسة وَجِهَاد فِي الْعَدو إِلَى أَن انقرض أَمرهم أَعْوَام الْخمسين وَتِسْعمِائَة
قَالَ فِي الدوحة أخبر غير وَاحِد من فُقَهَاء قصر كتامة أَن الشَّيْخ أَبَا الرواين جَاءَ إِلَى الْقصر وَصَاحبه يَوْمئِذٍ الْقَائِد عبد الْوَاحِد العروسي فِي عصبَة من أَقَاربه أَوْلَاد عبد الحميد فَصَعدَ أَبُو الرواين صومعة الْمَسْجِد ثمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوته يَا بني عبد الحميد اشْتَروا مني الْقصر وَإِلَّا خَرجْتُمْ مِنْهُ