كَانَ فِي ثَانِي حَال وَأما أهل تطاوين فامتثلوا وَكَانَ قَاضِي طنجة أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْفُلُوس قد عزم على بيعَة الْمولى إِبْرَاهِيم فَنَذر بِهِ عاملها أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ السعيدي فنفاه وَقدم للْقَضَاء مَكَانَهُ الْفَقِيه الأديب أَبَا الْبَقَاء خَالِد الطنجي وَلما ورد على الْمولى إِبْرَاهِيم وَحزبه جَوَاب أهل تطاوين بِالْقبُولِ سَارُوا إِلَيْهَا فَدَخَلُوهَا واستولوا على مَال المرسى وعَلى مخازن السُّلْطَان وَمَا فِيهَا من سلَاح وكتان وملف وَغير ذَلِك فتوزعته البربر ثمَّ انتهبوا ملاح الْيَهُود واكتسحوه فعثروا فِيهِ على أَمْوَال طائلة يُقَال إِنَّهُم وجدوا بِهِ عددا كثيرا من فنائق الضبلون والبندقي فَكَانَ ابْن الْغَازِي الزموري وَغَيره من رُؤَسَاء ذَلِك الْجمع لَا يُعْطون أَصْحَابهم إِلَّا البندقي فَكثر جمعهم لذَلِك وَلما مَضَت لَهُم من قدومهم تطاوين سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا توفّي الْمولى إِبْرَاهِيم رَحمَه الله وَكَانَ قد دَخلهَا مَرِيضا يُقَاد بِهِ فِي المحفة فأخفوا مَوته ودفنوه بداره وَكَانَ من أَمرهم مَا نذكرهُ
بيعَة الْمولى السعيد بن يزِيد بتطاوين ورجوعه إِلَى فاس
لما توفّي الْمولى إِبْرَاهِيم بن يزِيد اخفى رُؤَسَاء دولته مَوته لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ دعوا أهل تطاوين إِلَى بيعَة أَخِيه الْمولى السعيد بن يزِيد فافترقت كلمتهم فَمنهمْ من أَبى وَمِنْهُم من أجَاب فأحضر ابْن سُلَيْمَان وَابْن الْغَازِي وأشياعهما من أَبى من أهل تطاوين وألزموهم الْبيعَة فالتزموها وكتبوها وأحكموا عقدهَا وَكَانَ الْمُتَوَلِي يَوْمئِذٍ بتطاوين الْحَاج عبد الرَّحْمَن بن عَليّ أشعاش فأخروه وولوا مَكَانَهُ أَبَا عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ بن يُوسُف المسلماني وَكَانَ داهية شهما وبينما هم فِي ذَلِك ورد عَلَيْهِم الْخَبَر بمجيء السُّلْطَان من مراكش وَأَنه قد وصل إِلَى قصر كتامة ففت ذَلِك فِي عضدهم وَخَرجُوا مبادرين إِلَى فاس على طَرِيق الْجَبَل وَكَانَ من أَمرهم مَا نذكرهُ