مردنيش وَخرج عَنهُ إِلَى أبدة سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ بني مردنيش هَؤُلَاءِ أهل عِصَابَة وأولي باس وقوه فتوقع أَبُو زيد اختلال أمره وَبعث إِلَيْهِ ولاطفه فِي الرُّجُوع فَأبى فَخرج أَبُو زيد من بلنسية وَلحق بطاغية برشلونة وَدخل فِي دين النَّصْرَانِيَّة وَالْعِيَاذ بِاللَّه وَبَايع أهل شاطبة لِابْنِ هود ثمَّ تَتَابَعَت بِلَاد الأندلس على بيعَته وَدخل فِي طَاعَته أهل قرطبة وإشبيلية بعد رحيل الْمَأْمُون عَنهُ إِلَى مراكش وَلم يبْق للموحدين بالأندلس سُلْطَان
ثمَّ فِي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة ثار مُحَمَّد بن يُوسُف بن نصر الْمَعْرُوف بِابْن الْأَحْمَر بحصن أرجونة من أَعمال قرطبة ودعا لأبي زَكَرِيَّاء الحفصي صَاحب إفريقية ثمَّ دخل فِي طَاعَته أهل قرطبة وتنازع ابْن الْأَحْمَر وَابْن هود رئاسة الأندلس وتجاذبا حَبل الْملك بهَا وَكَانَت خطوب استولى لطاغية فِيهَا على كثير من حصون الأندلس ثمَّ اسْتَقر قدم ابْن الْأَحْمَر فِي الْملك وأورثه بنيه من بعده وَالله غَالب على أمره
قدوم أبي الْعَلَاء الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور من الأندلس إِلَى مراكش وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك
قد تقدم لنا أَن الْمُوَحِّدين بمراكش خنقوا الْعَادِل وَبَايَعُوا أَخَاهُ الْمَأْمُون وَبعد انْفِصَال الْبَرِيد بالبيعة ندموا وَبَايَعُوا ابْن أَخِيه يحيى بن النَّاصِر فوصلت بيعَة الْمُوَحِّدين إِلَى الْمَأْمُون وَهُوَ يَوْمئِذٍ بإشبيلية فسر بهَا وَأمر بإقرائها على مَنَابِر الأندلس ثمَّ أَخذ فِي التَّجْهِيز وَالْحَرَكَة إِلَى مراكش دَار ملكهم فَسَار حَتَّى إِذا وصل إِلَى الجزيرة الخضراء اتَّصل بِهِ الْخَبَر أَن الْمُوَحِّدين قد نكثوا بيعَته وَبَايَعُوا ابْن أَخِيه يحيى فَوَجَمَ لذَلِك وأطرق مَلِيًّا ثمَّ أنْشد متمثلا بقول حسان رَضِي الله عَنهُ
(لتسمعن وشيكا فِي دِيَارهمْ ... الله أكبر يَا ثَارَاتِ عثمانا)