إِيقَاع الباشا أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي بِأَهْل تطاوين
قد قدمنَا مَا كَانَ من إغارة الباشا أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي صَاحب طنجة على أهل تطاوين وهزيمة أبي حَفْص الوقاش لَهُ وفتكه بِأَصْحَابِهِ فاستحكمت الْعَدَاوَة بَين الريفي والوقاش من يَوْمئِذٍ وَبَقِي الريفي يتربص بِهِ الدَّوَائِر ويترصد لَهُ الغوائل إِلَى أَن بُويِعَ السُّلْطَان الْمولى المستضيء فِي هَذِه الْمدَّة فَلم يقدم عَلَيْهِ أحد من أهل تطاوين وَلَا دخلُوا فِي بيعَته فَوجدَ أَبُو الْعَبَّاس الريفي السَّبِيل بذلك إِلَيْهِم وأغرى بهم السُّلْطَان الْمَذْكُور ودس إِلَيْهِم أَنهم شَقوا الْعَصَا وخالفوا الْأَمر مَعَ مَا كَانَ قد نقل عَن الْفَقِيه أبي حَفْص فِي تِلْكَ القصيدة من التَّصْرِيح بِطَلَب الْملك فنجع ذَلِك فِي الْمولى المستضيء وَكتب إِلَيْهِ يَأْمُرهُ يالإيقاع بِأَهْل تطاوين فاغتنمها أَبُو الْعَبَّاس الريفي واقتحم تطاوين فِي جموعه على حِين غَفلَة من أَهلهَا وانتهبها وَقتل من أعيانها نَحْو الثَّمَانمِائَة ووظف على من بَقِي مِنْهُم مَالا ثقيلا وَهدم أسوارها ونظمها فِي سلك مَا كَانَ مستوليا عَلَيْهِ وَبنى بهَا دَار الْإِمَارَة الْمَوْجُودَة الْآن
شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى المستضيء وفراره إِلَى مراكش
لما كَانَ منتصف ذِي الْقعدَة من سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة وَألف شغب العبيد بمكناسة على السُّلْطَان الْمولى المستضيء وَتَآمَرُوا فِي عَزله ومراجعة طَاعَة أَخِيه الْمولى عبد الله وَلما أحس الْمولى المستضيء بِمَا أَجمعُوا عَلَيْهِ خرج من مكناسة فِي شيعته وأنصاره قَاصِدا ضريح الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عبد السَّلَام بن مشيش رَضِي الله عَنهُ فَتَبِعَهُ الْمولى عبد الله فِي جمع من العبيد فأدركوه بِبَعْض الطَّرِيق فكر عَلَيْهِم وَقَاتلهمْ حَتَّى رجعُوا عَنهُ وَمضى لوجهه إِلَى أَن وصل إِلَى طنجة فَأَقَامَ بهَا نَحْو الشَّهْرَيْنِ عِنْد أَحْمد بن عَليّ الريفي