خُرُوج العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وبيعتهم لوَلَده سَيِّدي مُحَمَّد وَالسَّبَب فِي ذَلِك
لما رَاجع أهل فاس طَاعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله واصطلحوا مَعَ الودايا وهدأت الْفِتْنَة سَاءَ البربر ذَلِك وكرهوه وبلغهم مَعَ ذَلِك أَن السُّلْطَان قد اسْتنْفرَ العبيد لغزوهم فاحتالوا فِي تَفْرِيق الْكَلِمَة على السُّلْطَان بِأَن أخذُوا فِي شن الغارات على العبيد بمكناسة والتضييق عَلَيْهِم واختطاف أَوْلَادهم من البحائر والجنات فراسل العبيد البربر فِي الْمَسْأَلَة وَالصُّلْح فَقَالُوا لَهُم إِن السُّلْطَان أمرنَا بِهَذَا فَلَمَّا سمع العبيد ذَلِك مِنْهُم لم يشكوا فِي صدقهم بِسَبَب مَا كَانُوا أسلفوه من التقاعد عَن السُّلْطَان والتثاقل عَن النهوض مَعَه لغزو البربر حَتَّى عَاد إِلَى منزله بعد المعسكرة بِأبي فكران كَمَا مر ثمَّ اتّفق رَأْي العبيد على الفتك بالسلطان واغتياله ونما إِلَيْهِ ذَلِك مِنْهُم فَخرج فَارًّا من مكناسة إِلَى دَار الدبيبغ فاستقر بهَا وَكَانَ ذَلِك فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف
وَلما ضَاقَ العبيد ذرعا بِفعل البربر كاتبوهم فِي الصُّلْح فأجابوهم إِلَيْهِ على شَرط أَن يبايعوا سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله فَبَايعُوهُ بمكناسة وبعثوا إِلَيْهِ ببيعتهم وَهُوَ بمراكش مَعَ جمَاعَة من أعيانهم وخطبوا بِهِ بمكناسة وزرهون وَالسُّلْطَان بدار الدبيبغ لَا يملك من أمره شَيْئا وَلما قدم وَفد العبيد على سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله رد بيعتهم وعاتبهم على مَا ارتكبوه فِي حق وَالِده وتألفهم بِشَيْء من المَال وَأعْرض عَن الْخَوْض فِي أَمر الْبيعَة إِذْ كَانَ رَحمَه الله بارا بوالده ساعيا فِي مرضاته وَبعث إِلَيْهِ فِي صفر من هَذِه السّنة بهدية قدرهَا على ماقيل ثَلَاثُونَ ألف مِثْقَال فَرجع وَفد العبيد من عِنْد سَيِّدي مُحَمَّد وَقد أيسوا من إجَابَته إيَّاهُم وَمَعَ ذَلِك استمروا على الْخطْبَة بمكناسة وزرهون