قيل فقدموا عَلَيْهِ فندبهم إِلَى نصرته وَالْقِيَام بدعوته فتخاذلوا عَنهُ وَقَالُوا لَهُ سر إِلَى آيت أدراسن وكروان فَإِن أجابوك فَنحْن مَعَهم وَلما لم يتم لَهُ أَمر بصفرو بعث من حمل إِلَيْهِ عِيَاله وأثاثه من فاس وَذهب إِلَى سجلماسة فاستوطنها وَذَلِكَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف وَأعْرض عَن الْملك وأسبابه وَاسْتمرّ مُقيما بهَا إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة وَألف رَحمَه الله وغفرله
انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن هَؤُلَاءِ العبيد الَّذين جمعهم السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل من لدن وَفَاته إِلَى دولة السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله
قد تقدم لنا أَن السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل كَانَ قد اعتنى بِجمع العبيد وترتيبهم وتهذيبهم إِلَى أَن بلغ عَددهمْ مائَة وَخمسين ألفا وبلغوا فِي أَيَّامه من الْعِزّ والرفاهية وتشييد الدّور والقصور وارتباط الْجِيَاد وانتخاب السِّلَاح واقتناء الْأَمْوَال وَحسن الشارة والزي مَا لم يبلغهُ غَيرهم وَكَانَ بالمحلة من مشرع الرملة مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا مَا بَين خيل ورماة وَكَانَ عدد اليكشارية مِنْهُم وهم أَصْحَاب الباشا مساهل خَمْسَة وَعشْرين ألفا كلهم رُمَاة إِلَّا القواد مِنْهُم فَإِنَّهُم كَانُوا أَصْحَاب خيل وَكَانَ بتانوت وَوجه عروس مِنْهُم خَمْسَة آلَاف يدعونَ قواد رؤوسهم كلهم أَصْحَاب خيل وَبَاقِي الْعدَد وَهُوَ خَمْسُونَ ألفا كَانُوا مُتَفَرّقين فِي قلاع الْمغرب لعمارتها وحراسة الطَّرِيق وحماية الثغور وَكَانُوا فِي غَايَة من الْكِفَايَة وَالسعَة لِأَن كل قَبيلَة من قبائل الْمغرب كَانَت تدفع أعشارها فِي قلعتها المبنية بهَا لمؤنة جيشها وعلف خيلها وَاسْتمرّ ذَلِك إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل رَحمَه الله فَانْقَطع بوفاته عَن جَيش القلاع المدد الَّذِي كَانَ بِهِ قوامهم
وَلما ولي بنوه من بعده واتصلت الْفِتَن بَينهم أهملوا أَمر هَؤُلَاءِ العبيد وَلم يلتفتوا إِلَيْهِم فضعفت مادتهم وتلاشى أَمرهم وانتشروا فِي الْقَبَائِل الَّتِي كَانُوا