قد تقدم لنا أَن الرئيس أَبَا سعيد فرج بن إِسْمَاعِيل بن الْأَحْمَر صَاحب مالقة كَانَ قد غدر بِأَهْل سبتة وَقبض على رؤسائها من بني العزفي وغربهم إِلَى غرناطة سنة خمس وَسَبْعمائة فاستقروا هُنَالك فِي إيالة السُّلْطَان ابْن الْأَحْمَر الْمَعْرُوف بالمخلوع مُدَّة وَلما استولى السُّلْطَان أَبُو الرّبيع المريني على سبتة وَنفى بني الْأَحْمَر عَنْهَا استأذنه بَنو العزفي فِي الرُّجُوع إِلَى الْمغرب والقدوم عَلَيْهِ فَأذن لَهُم واستقروا بفاس وَكَانَ أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى وَأَبُو زيد عبد الرَّحْمَن ابْنا أبي طَالب عبد الله بن أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس احْمَد العزفي من سرواتهم وَأهل الْمُرُوءَة وَالدّين فيهم وَكَانُوا يغشون مجَالِس الْعلم بِمَسْجِد الْقرَوِيين من فاس لما كَانُوا عَلَيْهِ من انتحاله وَكَانَ السُّلْطَان أَبُو سعيد أَيَّام ولَايَة بني أَبِيه من قبله يحضر مجْلِس الشَّيْخ الْفَقِيه أبي الْحسن الصَّغِير وَكَانَ أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى بن أبي طَالب يلازمه ويتودد إِلَيْهِ فاتصل بِهِ وَصَارَت لَهُ بذلك وَسِيلَة عِنْده فَلَمَّا أفْضى الْأَمر إِلَى السُّلْطَان أبي سعيد رعى لبني العزفي تِلْكَ الْوَسِيلَة فأنعم عَلَيْهِم وَعقد لأبي زَكَرِيَّاء مِنْهُم على سبتة وردهم إِلَى موطن سلفهم ومقر رياستهم فقدموها سنة عشر وَسَبْعمائة وَأَقَامُوا فِيهَا دَعْوَة السُّلْطَان أبي سعيد والتزموا طَاعَته
وَلما فوض السُّلْطَان أَبُو سعيد إِلَى ابْنه ابي عَليّ الْأَمر وَجعل لَهُ الإبرام والنقض عقد أَبُو عَليّ على سبتة لأبي زَكَرِيَّاء حيون بن أبي الْعَلَاء الْقرشِي وعزل أَبَا زَكَرِيَّاء يحيى بن أبي طَالب مِنْهَا واستقدمه إِلَى فاس فَقَدمهَا هُوَ وَأَبوهُ أَبُو طَالب وَعَمه أَبُو حَاتِم واستقروا فِي جملَة السُّلْطَان وَهلك أَبُو طَالب بفاس أثْنَاء تِلْكَ الْمدَّة ثمَّ كَانَ من خُرُوج الْأَمِير أبي عَليّ على أَبِيه وانتقاضه عَلَيْهِ مَا قدمْنَاهُ فلحق أَبُو زَكَرِيَّاء بن أبي طَالب وَأَخُوهُ أَبُو زيد بالسلطان أبي