للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقُرْآن وَالْفُقَهَاء لتدريس الْعلم وأجرى عَلَيْهِم المرتبات والمؤن فِي كل شهر وَحبس عَلَيْهَا الرباع والضياع ابْتِغَاء ثَوَاب الله ورغبة فِيمَا عِنْده

وَفِي سنة إِحْدَى وَعشْرين بعْدهَا بنى ولي عَهده الْأَمِير أَبُو الْحسن الْمدرسَة الَّتِي بغربي جَامع الأندلس من حَضْرَة فاس فَجَاءَت على أكمل الهيئات وأعجبها وَبنى حولهَا سِقَايَة وَدَار الْوضُوء وفندقا لسكنى طلبة الْعلم وجلب المَاء إِلَى ذَلِك كُله من عين خَارج بَاب الْجَدِيد أحد أَبْوَاب فاس وَأنْفق على ذَلِك أَمْوَالًا جليلة تزيد عَن مائَة ألف دِينَار وشحنها بطلبة الْعلم وقراء الْقُرْآن وَحبس عَلَيْهَا رباعا كَثِيرَة ورتب فِيهَا الْفُقَهَاء للتدريس وأجرى عَلَيْهِم الْإِنْفَاق وَالْكِسْوَة نَفعه الله بِقَصْدِهِ

وَفِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة فِي فاتح شعْبَان مِنْهَا أَمر السُّلْطَان أَبُو سعيد أَيْضا بِبِنَاء الْمدرسَة الْعُظْمَى بِإِزَاءِ جَامع الْقرَوِيين بفاس وَهِي الْمَعْرُوفَة الْيَوْم بمدرسة العطارين فنيت على يَد الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عبد الله بن قَاسم المزوار وَحضر السُّلْطَان أَبُو سعيد بِنَفسِهِ فِي جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَأهل الْخَيْر حَتَّى أسست وَشرع فِي بنائها بمحضره فَجَاءَت هَذِه الْمدرسَة من أعجب مصانع الدول بِحَيْثُ لم يبن ملك قبله مثلهَا وأجرى بهَا مَاء معينا من بعض الْعُيُون هُنَالك وشحنها بالطلبة ورتب فِيهَا إِمَامًا ومؤذنين وقومة يقومُونَ بأمرها ورتب فِيهَا الْفُقَهَاء لتدريس الْعلم وأجرى على الْكل المرتبات والمؤن فَوق الْكِفَايَة وَاشْترى عدَّة أَمْلَاك ووقفها عَلَيْهَا احتسابا بِاللَّه تَعَالَى وَسَيَأْتِي التَّنْبِيه على مَا بناه ابْنه أَبُو الْحسن من ذَلِك أَيَّام ولَايَته وحافده أَبُو عنان وَغَيرهمَا إِن شَاءَ الله وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ لبني مرين جنوح إِلَى الْخَيْر ومحبة فِي الْعلم وَأَهله تشهد بذلك آثَارهم الْبَاقِيَة إِلَى الْآن فِي مدارسهم العلمية وَغَيرهَا وَفِي مثل ذَلِك يحسن أَن ينشد

(همم الْمُلُوك إِذا أَرَادوا ذكرهَا ... من بعدهمْ فبألسن الْبُنيان)

(إِن الْبناء إِذا تعاظم شَأْنه ... أضحى يدل على عَظِيم الشان)

<<  <  ج: ص:  >  >>