تقدم لنا أَن بني يفرن من أَعْيَان قبائل زناتة وَكَانَ يدو بن يعلى بن مُحَمَّد بن صَالح اليفرني قد قَامَ بِأَمْر بني يفرن بعد مقتل أَبِيه يعلى بن مُحَمَّد حِين قَتله جَوْهَر الْكَاتِب قَائِد الشِّيعَة سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة فَملك يدو كثيرا من بوادي الْمغرب واتصلت رياسته إِلَى هَذَا التَّارِيخ
وَتقدم لنا أَن مغراوة دفعُوا بني يفرن إِلَى سلا وأحوازها فاستولوا عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَمِير يدو بن يعلى مضاهيا لزيري بن عَطِيَّة فِي الْحسب وَالْفضل وَالْمَال
وَلما استدعى الْمَنْصُور بن أبي عَامر زيري بن عَطِيَّة للوفادة الْمُتَقَدّمَة أَرَادَ أَن يفعل بيدو بن يعلى مثل ذَلِك وَكَانَ قَصده أَن يمكر بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يطمئن إِلَيْهِ اطمئنان زيري بن عَطِيَّة فاساء يدو بن يعلى إِجَابَة الْمَنْصُور وَقَالَ مَتى عهد الْمَنْصُور حمر الْوَحْش تنقاد للبياطرة فأقصر عَنهُ الْمَنْصُور
وَكَانَت بَين زيري ويدو بن يعلى منافسات ومنازعات على الرياسة بالمغرب فَكَانَ يدو بن يعلى إِذا غلب على زيري دخل مَدِينَة فاس وَاسْتولى عَلَيْهَا وَإِذا غلب عَلَيْهِ زيري أخرجه عَنْهَا وملكها وَكَانَت الْحَرْب بَينهمَا سجالا وسئمت الرّعية بفاس كَثْرَة تعاقبهم عَلَيْهَا
ثمَّ لما سَافر زيري بن عَطِيَّة إِلَى الأندلس انتهز يدو بن يعلى الفرصة فِي غيبته فزحف إِلَى فاس وَدخل مِنْهَا عدوة الأندلس بِالسَّيْفِ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَقتل بهَا خلقا كثيرا من مغراوة فَلَمَّا نزل زيري بن عَطِيَّة بطنجة اتَّصل بِهِ خبر يدو بن يعلى واستيلاؤه على فاس فأسرع السّير نَحوه حَتَّى نزل قَرِيبا من فاس فَكَانَت بَينهمَا حَرْب شَدِيدَة هلك فِيهَا خلق كثير من القبيلتين مغراوة وَبني يفرن إِلَى أَن هَزَمه زيري واقتحم عَلَيْهِ فاسا عنْوَة فَقتله وَمثل بِهِ وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى الْمَنْصُور بن أبي عَامر بقرطبة وَذَلِكَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة