وَلما وصل كتاب السُّلْطَان أبي سَالم إِلَى أهل الأندلس أعظموا وسيلته وقبلوا شَفَاعَته وردوا إِلَى ابْن الْخَطِيب مَا تأتى رده مِمَّا كَانَ ضَاعَ لَهُ وأتلف عَلَيْهِ وَاسْتمرّ مُقيما بسلا سنتَيْن وَزِيَادَة ثمَّ استدعاه سُلْطَانه الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَى الأندلس بعد رُجُوعه إِلَيْهَا واحتوائه على ملكهَا فَأجَاب حَيَاء لَا رَغْبَة ومكرها لَا بطلا إِلَى كَانَ مَا نذكرهُ من شَأْنه بعد ذَلِك إِن شَاءَ الله ونوادره بسلا وَمَا جرياته كَثِيرَة وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة
انْتِقَاض الْحسن بن عمر الفودودي وَخُرُوجه بتادلا ثمَّ مَقْتَله عقب ذَلِك
قد قدمنَا أَن السُّلْطَان أَبَا سَالم لما استولى على ملك فاس وَالْمغْرب عقد لِلْحسنِ بن عمر على مراكش وَوَجهه إِلَيْهَا تخففا مِنْهُ وريبة بمكانه من الدولة فاستقر بهَا وتأثلت لَهُ بهَا رياسة نَفسهَا عَلَيْهِ أهل مجْلِس السُّلْطَان وَسعوا فِيهِ عِنْده حَتَّى تنكر لَهُ وأظلم الجو بَينهمَا وأحس الْحسن بن عمر بذلك فخشي على نَفسه وَخرج من مراكش فِي صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فلحق بتادلا منحرفا عَن السُّلْطَان ومرتكبا للْخلاف فَتَلقاهُ بَنو جَابر من عرب جشم وأجاروه واعصوصبوا عَلَيْهِ فسرح إِلَيْهِ السُّلْطَان أَبُو سَالم وزيره الْحسن بن يُوسُف الورتاجني فاحتل بتادلا وانشمر الْحسن بن عمر إِلَى الْجَبَل بهَا فاعتصم بِهِ وَمَعَهُ كَبِير بني جَابر الْحسن بن عَليّ الورديغي فأحاطت بهم العساكر وَأخذُوا بمخنقهم وداخل الْوَزير بعض أهل الْجَبَل من برابرة صناكة فِي الثورة بهم وسرب إِلَيْهِم المَال فثاروا بهم وانفض جمعهم وتقبضوا على الْحسن بن عمر وقادوه برمتِهِ إِلَى الْحسن بن يُوسُف فاعتقله وانكفأ رَاجعا بِهِ إِلَى الحضرة فَدَخلَهَا فِي يَوْم مشهود استركب السُّلْطَان فِيهِ الْجند