وحذر شيوخها وكبراؤها من سطوته فحولوا الدعْوَة إِلَى الْأَمِير أبي زَكَرِيَّا الحفصي صَاحب إفريقية وَكَانَ استبد على بني عبد الْمُؤمن ورام التغلب حَتَّى على كرسيهم بمراكش فَبَايعهُ أهل مكناسة بمواطأة الْأَمِير أبي بكر بن عبد الْحق فَإِنَّهُ كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ فِي أول أمره وَكَذَا أَخُوهُ السُّلْطَان يَعْقُوب بن عبد الْحق من بعده ثمَّ اسْتَقل بِنَفسِهِ واستبد بأَمْره عِنْدَمَا تمّ لَهُ ملك الْمغرب حَسْبَمَا نَقصه بعد إِن شَاءَ الله
وَفِي هَذِه السّنة بعث أهل إشبيلية وَأهل سبتة بطاعتهم للأمير أبي زَكَرِيَّا الحفصي أَيْضا وَبعث أَبُو عَليّ بن خلاص صَاحب سبتة إِلَيْهِ بهدية مَعَ ابْنه فِي أسطول أنشأه لذَلِك فغرق عِنْد إقلاعه من المرسى وَقبل هَذِه الْمدَّة بِيَسِير كَانَ الْأَمِير أَبُو زَكَرِيَّا الحفصي قد تغلب على تلمسان وَبَايَعَهُ صَاحبهَا يغمراسن بن زيان العَبْد الْوَادي وَهُوَ جد ملك بني زيان أَصْحَاب تلمسان وَالْمغْرب الْأَوْسَط فَعظم قدر أبي زَكَرِيَّا بِسَبَب هَذِه البيعات الَّتِي انثالت عَلَيْهِ من سَائِر الْجِهَات وحدثته نَفسه بالتوثب على كرْسِي الْخلَافَة بمراكش وغص بَنو عبد الْمُؤمن بمكانه وَعظم عَلَيْهِم استبداده ثمَّ طمعه فِي كرسيهم وقرارة عزهم مَعَ أَنه مَا كَانَ إِلَّا جدولا من بحرهم وفرعا من دوحتهم وَالْأَمر كُله لله
نهوض السعيد من مراكش إِلَى غَزْو الثوار بالمغربين ومحاصرته يغمراسن بن زيان وَمَا آل إِلَيْهِ الْأَمر من مَقْتَله رَحمَه الله
لما بلغ السعيد وَهُوَ بمراكش استبداد الْأَمِير أبي زَكَرِيَّا بن أبي مُحَمَّد عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص الهنتاتي بإفريقية ومبايعة أُمَرَاء الْجِهَات لَهُ أعمل نظره فِي الْحَرَكَة إِلَى هَؤُلَاءِ الثوار والنهوض لتدويخ هَذِه الأقطار