اسْتِيلَاء حبيب بن عبد الرَّحْمَن على الْمغرب وفتنة عَاصِم بن جميل المتنبئ ومقتله
لما قتل حبيب بن عبد الرَّحْمَن عَمه إلْيَاس وَتمكن من القيروان طلب عَمه عبد الْوَارِث لمشاركته فِي دم أَبِيه كَمَا مر ففر عبد الْوَارِث إِلَى ورفجومة إِحْدَى بطُون نفزاو بن لوي من البرابرة البتر فَنزل على كَبِيرهمْ عَاصِم بن جميل وَكَانَ كَاهِنًا يَدعِي النُّبُوَّة فأجاره ثمَّ نَهَضَ إِلَيْهِم حبيب فأوقعوا بِهِ وهزموه إِلَى قابس
واستفحل أَمر عَاصِم وشايعه على شَأْنه من رجالات نفزاوة عبد الْملك بن أبي الْجَعْد الورفجومي وَيزِيد بن سكوم الولهاصي وَكَانَا على رَأْي الإباضية وانضمت إِلَيْهِم سَائِر نفزاوة واشتدت شوكتهم وَكَانَ قيامهم أَولا بدعوة الْخَلِيفَة الْمَنْصُور
وَلما بَقِي أهل القيروان فوضى بِسَبَب فرار أَمِيرهمْ إِلَى قابس كتب من بهَا من الْعَرَب إِلَى عَاصِم هَذَا يَدعُونَهُ للقدوم عَلَيْهِم وَالْقِيَام بأمرهم بِشَرْط الدُّعَاء للمنصور فَأتى وَقَاتلهمْ فَهَزَمَهُمْ وَدخل القيروان عنْوَة واستباح أَهلهَا وَخرب مساجدها وأهانها ثمَّ سَار إِلَى حبيب بقابس بعد أَن اسْتخْلف على القيروان وَمن بَقِي بهَا من نفزاوة عبد الْملك ابْن أبي الْجَعْد فقاتل حبيبا وهزمه فلحق حبيب بجبل أورابن وَأَجَارَهُ أَهله ثمَّ زحف إِلَيْهِم عَاصِم فهزموه وقتلوه واستلحموا جمَاعَة من أَصْحَابه وَقَامَ بِأَمْر ورفجومة والقيروان من بعده عبد الْملك بن أبي الْجَعْد وَأهل القيروان أثْنَاء هَذَا كُله فِي غَايَة المذلة والهوان مَعَ البربر ثمَّ زحف حبيب إِلَى القيروان فبرز إِلَيْهِ عبد الْملك وَهزمَ حبيبا وَقَتله فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة فَكَانَت ولَايَته نَحْو ثَلَاث سِنِين وانقرض بمقتله أَمر آل عقبَة من الْمغرب والبقاء لله وَحده