وتسامعت موَالِي عبد الرَّحْمَن وشيعته بِابْن مَوْلَاهُم فتسارعوا إِلَيْهِ وأنزلوه من السفين والتفوا عَلَيْهِ وزحفوا بِهِ إِلَى تونس فملكوها وَخرج إلْيَاس لقتالهم فخالفوه إِلَى القيروان وملكوها عَلَيْهِ وفتقوا السجون فَرجع إلْيَاس لقتالهم وَقد فر أَكثر من مَعَه إِلَى حبيب وَلما ترَاءى الْجَمْعَانِ حول القيروان برز حبيب فَنَادَى يَا عَم لم نقْتل أولياءنا وضائعنا وهم جنتنا فَهَلُمَّ للبراز فأينا غلب ملك فصاح الجيشان بتصويب رَأْيه فبرزا وتضاربا حَتَّى عجب النَّاس من صبرهما ثمَّ قتل حبيب إلْيَاس وَدخل القيروان فملكها آخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَة فَكَانَت ولَايَة إلْيَاس نَحْو سنة وَنصف
وَفِي هَذِه السّنة استولى عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي على جَزِيرَة الأندلس انتزعها من يَد أميرها يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن الفِهري وَهُوَ أَخُو حبيب الْمَذْكُور آنِفا
قَالَ ابْن حَيَّان كَانَ تغلب عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة المرواني على سَرِير الْملك بقرطبة يَوْم الْأَضْحَى لعشر خلون من ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَة واستقام أمره بالأندلس وَبنى الْمَسْجِد الْجَامِع وَالْقصر بقرطبة وَأنْفق فِيهِ ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَمَات قبل تَمَامه ووفد عَلَيْهِ جمَاعَة من أهل بَيته من الْمشرق وَكَانَ يَدْعُو للمنصور العباسي ثمَّ قطع دَعوته ومهد الدولة بالأندلس وأثل بهَا الْملك الْعَظِيم لبني مَرْوَان وَخرجت الأندلس من يَوْمئِذٍ عَن نظر صَاحب القيروان بل وَعَن نظر الْخَلِيفَة بالمشرق وَالله غَالب على أمره