فتمشت رجالاتهم فِي الانفضاض عَن السُّلْطَان وداخلو الْوَزير فَارس بن مَيْمُون فِي ذَلِك فوفقهم ثمَّ أذن شُيُوخ الْعَسْكَر ونقباؤه لمن تَحت أَيْديهم من الْقَبَائِل فِي اللحاق بالمغرب حَتَّى يبقو منفردين وأنهى إِلَى السُّلْطَان أبي عنان أَن شُيُوخ الْعَسْكَر قد عزموا على قَتله وَنصب إِدْرِيس بن عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء لِلْأَمْرِ فأسرها فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُم وَرَأى قلَّة من مَعَه من الْجند فارتاب وكر رَاجعا إِلَى الْمغرب بعد أَن كَانَ ارتحل عَن قسنطينة إِلَى جِهَة تونس مرحلَتَيْنِ فانكفأ وأغذ السّير إِلَى فاس فاحتل بهَا غرَّة ذِي الْحجَّة من سنة ثَمَان وَخمسين الْمَذْكُورَة وتقبض يَوْم دُخُوله على وزيره فَارس بن مَيْمُون لِأَنَّهُ اتهمه بمداخلة بني مرين فِي شَأْنه وَقَتله رَابِع أَيَّام التَّشْرِيق قعصا بِالرِّمَاحِ وتقبض على مشيخة بني مرين فاستلحمهم وأودع طَائِفَة مِنْهُم السجْن
وَلما رَجَعَ السُّلْطَان أَبُو عنان من إفريقية بلغ خَبره إِلَى الْجِهَات فارتحل أَبُو مُحَمَّد بن تافرجين من المهدية إِلَى تونس وَلما أطل عيها ثارت شيعَة الحفصيين على من كَانَ بهَا من جَيش بني مرين فنجوا إِلَى السفن وركبوا الْبَحْر إِلَى الْمغرب وَجَاء على أَثَرهم يحيى بن عبد الرَّحْمَن فِيمَن كَانَ مَعَه من العساكر وَأَوْلَاد مهلهل وَكَانَ يَوْم الهيعة بِنَاحِيَة الجريد لاقْتِضَاء جبايته فصوب إِلَى الْمغرب واجتمعوا كلهم بِبَاب السُّلْطَان أبي عنان فأرجأ حركته إِلَى الْعَام لقابل وَكَانَ مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
وزارة سُلَيْمَان بن دَاوُد ونهوضه بالعساكر إِلَى إفريقية
لما رَجَعَ السُّلْطَان أَبُو عنان من إفريقية وَلم يستتم فتحهَا بَقِي فِي نَفسه مِنْهَا شَيْء وخشي على ضواحي قسنطينة من يَعْقُوب بن عَليّ وَمن مَعَه من الذواودة الْمُخَالفين فأهمه شَأْنهمْ واستدعى سُلَيْمَان بن دَاوُد من مَكَانَهُ بجبل طَارق وَعقد لَهُ على وزارته وسرحه فِي العساكر إِلَى إفريقية فَنَهَضَ إِلَيْهَا فِي ربيع من سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ السُّلْطَان أَبُو عنان لما خَالف عَلَيْهِ يَعْقُوب بن عَليّ وفر إِلَى القفر أَقَامَ مَكَانَهُ أَخَاهُ المنازع لَهُ فِي رياسة ريَاح