كَانَ عبد الْعَزِيز وَعِيسَى أخوي الْمهْدي من مشيخة الْعَسْكَر ووجوه الْجَيْش بإشبيلية أَيَّام فتحهَا ووفادة أَهلهَا على عبد الْمُؤمن بمراكش حَسْبَمَا تقدم ثمَّ سَاءَ أثرهما بهَا واستطالت أَيْدِيهِمَا على أَهلهَا واستباحا الدِّمَاء وَالْأَمْوَال ثمَّ اعتزما على الفتك بِيُوسُف البطروجي صَاحب لبلة فلحق بِبَلَدِهِ وَأخرج الْمُوَحِّدين الَّذين بهَا وحول الدعْوَة عَنْهُم إِلَى المرابطين وَنَشَأ عَن ذَلِك فَسَاد كَبِير بالأندلس ثمَّ لحق أخوا الْمهْدي بالعدوة فِي خبر طَوِيل
وَاسْتمرّ حَالهمَا إِلَى أَن بَايع عبد الْمُؤمن لِابْنِهِ مُحَمَّد بِولَايَة الْعَهْد وَعقد لإخوته على العمالات والنواحي ففسدت نِيَّة عبد الْعَزِيز وَعِيسَى بذلك مَعَ مَا كَانَ صدر من عبد الْمُؤمن من قتل ابْن عَمهمَا يصليتن وَكَانَا يَوْمئِذٍ بفاس وَعبد الْمُؤمن بسلا فَخَرَجَا من فاس إِلَى مراكش على طَرِيق الْمَعْدن مضمرين للغدر
واتصل خبر خروجهما بِعَبْد الْمُؤمن فَخرج من سلا فِي أثرهما متلافيا أَمر مراكش وَقدم أَمَامه وزيره أَبَا جَعْفَر بن عَطِيَّة فسبقاه إِلَيْهَا وداخلا بعض الأوباش بهَا فِي شَأْنهمَا فَوَثَبُوا بعاملها أبي حَفْص عمر بن تافراكين فَقَتَلُوهُ بمكانه من القصبة
وَوصل على أثرهما الْوَزير ابْن عَطِيَّة ثمَّ عبد الْمُؤمن على أَثَره فأطفا تِلْكَ النائرة وتقبض عبد الْمُؤمن على عبد الْعَزِيز وَعِيسَى فَقَتَلَهُمَا وصلبهما وتتبع المداخلين لَهما فألحقهم بهما وَانْقطع الشغب وَزَالَ الْفساد