وَقبل أَن نفرد الْكَلَام عَلَيْهِ نذْكر فصلا نشِير فِيهِ إِلَى مَذَاهِب أهل الْمغرب ونحلهم على الْجُمْلَة وَالله الْمُوفق
القَوْل فِي مَذَاهِب أهل الْمغرب أصولا وفروعا وَمَا يتبع ذَلِك
قد تقدم لنا مَا قَالَه الشَّيْخ ابْن أبي زيد رَحمَه الله من أَن البربر ارْتَدُّوا اثْنَتَيْ عشرَة مرّة وَأَنه لم تَسْتَقِر كلمة الْإِسْلَام فيهم إِلَّا لعهد مُوسَى بن نصير وَبعد فَتحه الأندلس ثمَّ كمل إسْلَامهمْ على يَد إِسْمَاعِيل بن عبيد الله بن أبي المُهَاجر وَتقدم أَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ أرسل عشرَة من التَّابِعين يفقهُونَ أهل الْمغرب فِي دينهم فَكَانَ المغاربة فِي صدر الْإِسْلَام لذَلِك على مَذْهَب جُمْهُور السّلف من الْأمة واعتقادهم وَهُوَ الْمَذْهَب الْحق إِلَى أَن حدثت فيهم بِدعَة الخارجية لأوّل الْمِائَة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة نزع إِلَيْهِم بهَا بعض أهل النِّفَاق من خوارج الْعرَاق وبثوها فيهم فتلقوها مِنْهُم بِالْقبُولِ وَحسن موقعها لديهم بِسَبَب مَا كَانُوا يعانونه من ثقل وَطْأَة الْخلَافَة القريشية وجور بعض عمالها حَسْبَمَا تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ فلقنهم أهل الْبدع أَن الْخلَافَة لَا تشْتَرط فِيهَا القريشية بل وَلَا الْعَرَبيَّة وَأَن كل من كَانَ أتقى لله كَانَ أَحَق بهَا وَلَو عبدا حَبَشِيًّا على ظَاهر الحَدِيث ودسوا إِلَيْهِم مَعَ ذَلِك بعض