غَزْو إِدْرِيس بن عبد الله أَرض الْمغرب الْأَوْسَط وَفتح مَدِينَة تلمسان
لما قفل إِدْرِيس رَضِي الله عَنهُ من غَزْو بِلَاد الْمغرب الْأَقْصَى سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة أَقَامَ بو ليلى بَقِيَّة جُمَادَى الْآخِرَة وَنصف رَجَب التَّالِي لَهَا ريثما استراح جَيْشه ثمَّ خرج منتصف رَجَب الْمَذْكُور برسم غَزْو مَدِينَة تلمسان وَمن بهَا من قبائل مغراوة وَبني يفرن فَانْتهى إِلَيْهَا وَنزل خَارِجهَا فَخرج إِلَيْهِ صَاحبهَا مُحَمَّد بن خزر من ولد صولات المغراوي مستأمنا ومبايعا لَهُ فَأَمنهُ إِدْرِيس وَقبل بيعَته
وَدخل مَدِينَة تلمسان فأمن أَهلهَا ثمَّ أَمن سَائِر زناتة وَبنى مَسْجِد تلمسان وأتقنه وَأمر بِعَمَل مِنْبَر نَصبه فِيهِ وَكتب عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أَمر بِهِ الإِمَام إِدْرِيس بن عبد الله بن حسن بن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُم وَذَلِكَ فِي شهر صفر سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة قَالَ ابْن خلدون وَاسم إِدْرِيس مخطوط فِي صفحة الْمِنْبَر لهَذَا الْعَهْد اه ثمَّ رَجَعَ إِدْرِيس رَحمَه الله إِلَى مَدِينَة وليلى فَدَخلَهَا مؤيدا منصورا
وَفَاة إِدْرِيس بن عبد الله وَالسَّبَب فِي ذَلِك
لما حصل لإدريس رَحمَه الله مَا حصل من التَّمَكُّن والظهور اتَّصل خبر ذَلِك بالخليفة بِبَغْدَاد وَهُوَ هَارُون الرشيد العباسي وبلغه أَن إِدْرِيس قد استقام لَهُ أَمر الْمغرب وَأَنه قد استفحل أمره وَكَثُرت جُنُوده وَقد فتح مَدِينَة تلمسان وَبنى مَسْجِدهَا وَأَنه عازم على غَزْو إفريقية فخاف الرشيد عَاقِبَة ذَلِك وَأَنه إِن لم يتدارك أمره الْآن رُبمَا عجز عَنهُ فِي الْمُسْتَقْبل مَعَ مَا يعلم من فضل إِدْرِيس خُصُوصا ومحبة النَّاس فِي آل الْبَيْت عُمُوما فقلق الرشيد من ذَلِك وَاسْتَشَارَ وزيره يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي وَقَالَ إِن الرجل قد فتح تلمسان وَهِي بَاب