الْخَبَر عَن دولة ملك الزَّمن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى حسن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن خلد الله ملكه
لما توفّي السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن رَحمَه الله اجْتمع أهل الْحل وَالْعقد من كبار الدولة وقواد الْجَيْش والقضاة وَالْعُلَمَاء والأشراف وأعيان مراكش وأحوازها على بيعَة نجله أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي عَليّ حسن بن مُحَمَّد لما توفر فِيهِ من شُرُوط الْإِمَامَة وتكامل فِيهِ من النجدة والشهامة والزعامة وَلما اتّصف بِهِ من الْفضل وَالدّين وَسَائِر خِصَال الْخَيْر وَأَسْبَاب الْيَقِين وَلِأَن وَالِده رَحمَه الله كَانَ اسْتَخْلَفَهُ فِي حَيَاته وَألقى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مهماته فَنَهَضَ بأعبائها وتقلب من مغاني السَّعَادَة فِي ظلالها وأفيائها
قَالَ أَبُو عبد الله أكنسوس لما اسْتخْلف الْمولى الْحسن حفظه الله لم تشغله شؤون الْخلَافَة المترادفة آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار وَلَا فِي قصوره السُّلْطَانِيَّة من الحدائق والأزهار عَن وظائف الدّين وَأَسْبَاب الْيَقِين من نوافل الْخَيْر من صَلَاة وَصِيَام وتلاوة كَمَا حَدثنِي بذلك بعض بطائنه وَأَنه يجد لَهَا فِي خلواته لَذَّة وحلاوة فَلَمَّا توفّي السُّلْطَان كَمَا قُلْنَا كَانَ الْمولى حسن أيده الله غَائِبا عَن الحضرة بِأبي ريقي من بِلَاد حَاجَة فَكتب إِلَيْهِ رُؤَسَاء الدولة بِمَا حدث من موت السُّلْطَان واجتماع النَّاس على بيعَته فَقدم مراكش فِي السَّابِع وَالْعِشْرين من رَجَب سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وَلما دنا مِنْهَا خرج للقائه الوزراء والقضاة والأشراف والأعيان وَسَائِر أهل مراكش برجالهم وَنِسَائِهِمْ وصبيانهم فملؤوا تِلْكَ البطاح وَضَاقَتْ بهم الأَرْض وَأخذُوا يعزونه ويهنئونه وَهُوَ أيده الله يقف لكل جمَاعَة مِنْهُم عل حدتها حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان إشفاقا عَلَيْهِم وتطييبا لنفوسهم وَكَانَ يَوْم دُخُوله لحضرة مراكش يَوْمًا مشهودا وموسما من مواسم الْخيرَات معدودا وَلما اسْتَقر بدار الْملك قدمت عَلَيْهِ الْوُفُود من جَمِيع الْأَمْصَار ونسلوا إِلَيْهِ من سَائِر النواحي والأقطار وكل وَفد يَأْتِي ببيعته وهديته واغتبط النَّاس بولايته وتيمنوا بطلعته فقابل أيده الله كلا