عودة عبد الله بن الشَّيْخ إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا وطرده زَيْدَانَ عَنْهَا
لما قدم عبد الله بن الشَّيْخ على أَبِيه بفاس سليبا مهزوما قَامَت قِيَامَته وَرَأى أَن يُهَيِّئ عسكرا آخر ويجدد جمعا ثَانِيًا فَلم يجد لذَلِك طَاقَة لفراغ يَده من المَال وَقلة جبايته واستحيى أَن يستسلف من التُّجَّار لِأَنَّهُ كَانَ استسلف مِنْهُم فَلم يرد لَهُم شَيْئا وَلما أعيته الْحِيلَة رَجَعَ على قواده فَقلب لَهُم ظهر الْمِجَن وَنهب أَمْوَالهم واستلب ذخائرهم وَصَارَ يفرقها على التُّجَّار فَاجْتمع لَهُ من ذَلِك أَمْوَال عريضة فرقها فِي جَيْشه وتهيأ عبد الله للمسير إِلَى مراكش وَكَانَ أهل فاس قد غضبوا لمن قتل من إخْوَانهمْ بهَا وَنَادَوْا بِأخذ ثأرهم حَتَّى إِن بَعضهم خرج مَعَ عبد الله من غير أَخذ مُرَتّب وَلَا جامكية فَخرج عبد الله بجموع عديدة وجيوش حفيلة وَلما بلغ خَبره للسُّلْطَان زَيْدَانَ بعث إِلَيْهِ العلج مصطفى باشا فِي جيوش كَثِيرَة قَالَ فِي شرح زهرَة الشماريخ كَانَ بعث مصطفى باشا وَخُرُوجه من مراكش فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَألف فَالتقى الْجَمْعَانِ بِموضع يُقَال لَهُ تافلفلت على طَرِيق سلا فَهزمَ مصطفى باشا وَقتل من جَيش مراكش نَحْو التِّسْعَة آلَاف وَبعث الشَّيْخ جمَاعَة من عدُول فاس إِلَى مَوضِع المعركة حَتَّى أحصوا الْقَتْلَى ثمَّ توجه عبد الله إِلَى مراكش فبرز إِلَيْهِ أَهلهَا فِي سِتَّة وَثَلَاثِينَ ألف مقَاتل والتقى الْجَمْعَانِ بِموضع يُقَال لَهُ رَأس الْعين فَانْهَزَمَ أهل مراكش وَتقدم عبد الله بن الشَّيْخ فاقتحمها بجيشه وفر زَيْدَانَ إِلَى المعاقل المنيعة وَالْجِبَال الشامخة فَبَقيَ منتقلا هُنَالك إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ