لما بلغ الْمَنْصُور انْتِقَاض إفريقية على عمر بن حَفْص وحصاره بطبنة أَولا ثمَّ بالقيروان ثَانِيًا بعث إِلَيْهِ يزِيد بن حَاتِم بن قبيصَة بن الْمُهلب بن أبي صفرَة فِي سِتِّينَ ألفا وَبلغ خَبره عمر بن حَفْص فَحَمله ذَلِك على الاستماتة كَمَا تقدم
وَبلغ أَبَا حَاتِم وَهُوَ بالقيروان مسير يزِيد بن حَاتِم إِلَيْهِ فَخرج للقائه فَلَقِيَهُ يزِيد بن حَاتِم بنواحي طرابلس واقتتلوا قتالا شَدِيدا فَانْهَزَمَ البربر وَقتل أَبُو حَاتِم فِي ثَلَاثِينَ ألفا من أَصْحَابه وتتبعهم يزِيد بِالْقَتْلِ طلبا بِدَم عمر بن حَفْص
ثمَّ ارتحل إِلَى القيروان فَدَخلَهَا يَوْم الِاثْنَيْنِ لعشر مَضَت من جُمَادَى الأولى سنة خمس وَخمسين وَمِائَة فمهدها ورتب أسواقها وأفرد لكل صناعَة مَكَانا وجدد بِنَاء جَامعهَا وَضبط الْأُمُور أحسن ضبط
وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن حبيب بن عبد الرَّحْمَن الفِهري مَعَ أبي حَاتِم فلحق بكتامة فَبعث يزِيد فِي طلبه الْمخَارِق بن غفار فحاصره ثَمَانِيَة أشهر ثمَّ غلب عَلَيْهِ فَقتل جمَاعَة مِمَّن مَعَه وهرب الْبَاقُونَ فِي كل نَاحيَة وَنَجَا هُوَ إِلَى الأندلس
وَبعث يزِيد الْمخَارِق أَيْضا على الزاب فَنزل طبنة وأثخن فِي البربر وأوقع بهم وقائع عَظِيمَة
وَكَانَت حروب الْخَوَارِج مَعَ الْعَرَب مُنْذُ انتفضوا على عمر بن حَفْص إِلَى انْقِضَائِهَا ثَلَاثمِائَة وخمسا وَسبعين حَربًا قَالَه ابْن خلدون
ثمَّ انتقضت ورفجومة سنة سبع وَخمسين وولوا عَلَيْهِم رجلا اسْمه أَبُو زرجونة فسرح إِلَيْهِم يزِيد بن حَاتِم من عشيرته يزِيد بن مجزأَة المهلبي فهزموه واستأذنه ابْنه الْمُهلب وَكَانَ على الزاب وطبنة فِي الزَّحْف إِلَى