للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورفجومة فَأذن لَهُ وأمده بِالْعَلَاءِ بن سعيد بن مَرْوَان المهلبي من عشيرتهم أَيْضا فأوقع بهم وقتلهم أَبْرَح قتل

وانتقضت نفزاوة من بعد ذَلِك فِي سلطنة ابْنه دَاوُد بن يزِيد فاستأصلهم قتلا أَيْضا فركدت ريح الْخَوَارِج من البربر وتداعت بدعتهم إِلَى الاضمحلال

قَالَ ابْن خلدون لم يزل أَمر الْخَوَارِج بالمغرب يَعْنِي أَيَّام يزِيد هَذَا فِي تنَاقض إِلَى أَن اضمحلت ديانتهم وافترقت جَمَاعَتهمْ وَبقيت آثَار نحلتهم فِي أعقاب البربر الَّذين دانوا بهَا فِي صدر الْإِسْلَام فَفِي بِلَاد زناتة بالصحراء مِنْهَا أثر بَاقٍ لهَذَا الْعَهْد وَكَذَلِكَ فِي جبال طرابلس أثر بَاقٍ من تِلْكَ النحلة وَالله يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء وَاسْتمرّ يزِيد بن حَاتِم ضابطا لأمر إفريقية وَالْمغْرب إِلَى أَن توفّي بهَا يَوْم الثُّلَاثَاء لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة بقيت من شهر رَمَضَان سنة سبعين وَمِائَة فِي خلَافَة هَارُون الرشيد العباسي فَكَانَت ولَايَته خمس عشرَة سنة وَثَلَاثَة أشهر وَولى النَّاس عَلَيْهِم ابْنه دَاوُد إِلَى أَن كَانَ مَا نذكرهُ

وَكَانَ يزِيد رَحمَه الله من السمحاء الأمجاد والفضلاء الأنجاد وكل بني الْمُهلب كَذَلِك وبهم ضرب الْمثل أَبُو مُحَمَّد الحريري فِي المقامات إِذْ قَالَ وَصَارَ الْأَدَب أعلق بِي من الْهوى ببني عذرة والشجاعة بآل أبي صفرَة وَقَالَ الشَّاعِر الحماسي

(نزلت على آل الْمُهلب شاتيا ... بَعيدا عَن الأوطان فِي الزَّمن الْمحل)

(فَمَا زَالَ بِي معروفهم وافتقادهم ... وبرهم حَتَّى حسبتهم أَهلِي)

فَأَما يزِيد هَذَا من بَينهم فحاله فِي الشجَاعَة وجودة الرَّأْي كَمَا رَأَيْت وَأما الْجُود والسخاء فَهُوَ فيهمَا الْمثل السائر كَانَ ربيع بن ثَابت الرقي الشَّاعِر مدح يزِيد بن أسيد بِالتَّصْغِيرِ السّلمِيّ وَهُوَ وَال على أرمينية فقصر فِي حَقه ثمَّ مدح يزِيد بن حَاتِم فَبَالغ فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ فَقَالَ ربيعَة من قصيدة

(لشتان مَا بَين اليزيدين فِي الندى ... يزِيد سليم والأغر بن حَاتِم)

(يزِيد سليم سَالم المَال والفتى ... فَتى الأزد للأموال غير مسالم)

<<  <  ج: ص:  >  >>