وَأما الْقَتْل وَالتَّحْرِيق الَّذِي صدر من أهل سبتة فالظن بِالْقَاضِي عِيَاض رَحمَه الله أَنه لَا يُوَافق على ذَلِك وَلَا يرضاه لَكِن الْعَامَّة تتسرع إِلَى مُجَاوزَة الْحُدُود لَا سِيمَا أَيَّام الْفِتَن وَذَلِكَ مَعْرُوف من حَالهم وَالله الْمُوفق
وَلما دخلت سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة فتح الموحدون مَدِينَة مكناسة الْقَدِيمَة بعد حصارهم إِيَّاهَا سبع سِنِين اقتحموها عنْوَة يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث جُمَادَى الأولى من السّنة الْمَذْكُورَة فخربت وَقتل أَكثر رجالها وَسبي حريمهم وخمست أَمْوَالهم ثمَّ بنيت مكناسة تاكرارت الْمَدِينَة الْمَوْجُودَة الْآن
أَخْبَار الأندلس وفتوحها
كَانَ عبد الْمُؤمن لما فتح تلمسان وفاسا بعث إِلَى الأندلس جَيْشًا من عشرَة آلَاف فَارس من أنجاد الْمُوَحِّدين
وَقَالَ ابْن خلدون بعث عبد الْمُؤمن بعد فتح مراكش جَيْشًا من الْمُوَحِّدين لنظر بدران بن مُحَمَّد المسوفي النازع إِلَى عبد الْمُؤمن من جملَة تاشفين بن عَليّ وَعقد لَهُ على حَرْب الأندلس وَمن بهَا من لمتونة والثوار وأمده بعسكر آخر لنظر مُوسَى بن سعيد وَبعده بعسكر آخر لنظر عمر بن صَالح الصنهاجي
وَلما أَجَازُوا إِلَى الأندلس نزلُوا بِأبي الْغمر بن عزرون صَاحب شريش فَكَانَ أول بلد فتحُوا من الأندلس بلد شريش خرج إِلَيْهِم صَاحبهَا أَبُو الْغمر فِيمَن مَعَه من المرابطين وبايعهم لعبد الْمُؤمن وَدخل فِي طَاعَته فَكَانَ الموحدون يسمون أهل شريش بالسابقين الْأَوَّلين وحررت أملاكهم فَلم تزل محررة سَائِر أيامهم فَلم يكن فِي أملاكهم رباعة وَجَمِيع بِلَاد