انحراف مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة عَن الشِّيعَة إِلَى بني مَرْوَان وَمَا نَشأ عَن ذَلِك
كَانَ عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْأمَوِي صَاحب الأندلس قد سما لَهُ أمل فِي التَّمَلُّك على الْمغرب الْأَقْصَى لما بلغه من تراجع أَمر بني إِدْرِيس بِهِ وإشراف دولتهم على الْهَرم فَملك سبتة من يَد بني عِصَام القائمين بهَا بالدعوة الإدريسية
وَلما استولى مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة على الْمغرب خاطبه النَّاصِر فِي الْقيام بدعوته ووعده الْجَمِيل على ذَلِك وَأَتَاهُ من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه حَتَّى أَجَابَهُ إِلَى مُرَاده وَنقض طَاعَة الشِّيعَة وخطب للناصر على مَنَابِر عمله فاتصل الْخَبَر بعبيد الله الْمهْدي صَاحب إفريقية فسرح إِلَيْهِ قائده حميد بن يصليتن المكناسي صَاحب تاهرت فِي عشرَة آلَاف فَارس وَهُوَ ابْن أخي مصالة بن حبوس الْمُقدم الذّكر فَالتقى حميد ومُوسَى بفحص مسون فَكَانَت بَينهم حَرْب سِجَال ثمَّ إِن حميدا بَيت مُوسَى لَيْلَة فَضرب فِي عسكره فَانْهَزَمَ مُوسَى وَأَصْحَابه وَمضى إِلَى عين إِسْحَاق من بِلَاد تسول فتحصن بهَا
وَتقدم حميد إِلَى فاس فَلَمَّا شارفها فرعنها مَدين بن مُوسَى وَلحق بِأَبِيهِ فَدَخلَهَا حميد وَاسْتعْمل عَلَيْهَا حَامِد بن حمدَان الْهَمدَانِي وَكَانَ فِي جملَته ثمَّ عَاد إِلَى إفريقية وَقد قضى إربه من الْمغرب وَكَانَ ذَلِك سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة
وَلما اتَّصل ببني إِدْرِيس المحصورين بِحجر النسْر خبر هزيمَة مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة وفرار ابْنه عَن فاس وَولَايَة حَامِد بن حمدَان عَلَيْهَا قويت نُفُوسهم