لما أعلن أهل فاس بخلع السُّلْطَان الْمولى عبد الله عزموا على الْحَرْب ووطنوا أنفسهم على الْحصار وَنَادَوْا فِي الْمَدِينَة من أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى بَلَده ومأمنه من غير أهل الْبَلَد فليتهيأ فِي ثَلَاث ثمَّ أغلقوا أَبْوَاب الْمَدِينَة واستعدوا لِلْقِتَالِ
وَلما سمع السُّلْطَان بخبرهم تهَيَّأ لغزوهم فَأخذ أهبته وَخرج من مكناسة فِي الْخَامِس وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف فَنزل على فاس ووزع الْجنُود عَلَيْهَا من كل نَاحيَة وَأطلق يَد الْجَيْش بالعيث فِي أطرافها من تخريب المصانع وَقطع الْأَشْجَار وإفساد الْمزَارِع وَأمر بطم الْوَادي فانحبس عَنْهُم مَاؤُهُ وزحفت العساكر فَكَانَ الْقِتَال على كل بَاب سَائِر النَّهَار فَإِذا كَانَ الْمسَاء أَمر الطبجية والأعلاج بإرسال الكور والبنب وحجارة المنجنيق فَكَانَ النَّاس لَا يستريحون بِالنَّهَارِ وَلَا ينامون بِاللَّيْلِ وَاشْتَدَّ الكرب وريع السرب وَاسْتمرّ الْحَال إِلَى أَن دخلت سنة اثْنَتَيْنِ