هُنَالك وَأنزل السُّلْطَان يُوسُف بَقِيَّة الْحَاشِيَة من الأسطول فَأمر بهم فاستلحموا مَعَ من كَانَ من بالحصن من أتباعهم وقرابتهم وذرياتهم وتملك السُّلْطَان يُوسُف حصن تازوطا وَأنزل بِهِ عماله ومسلحته وقفل إِلَى حَضرته بفاس أخر جُمَادَى الأولى من سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة
وَلما كَانَ السُّلْطَان نازلا على تازوطا قدم عَلَيْهِ رجل من فرنج جنوة بهدية جليلة فِيهَا شَجَرَة مموهة بِالذَّهَب عَلَيْهَا أطيار تصوت بحركات هندسية مثل مَا صنع للمتوكل العباسي وَفِي هَذِه الْمدَّة سعي عِنْد السُّلْطَان يُوسُف بأولاد الْأَمِير أبي بكر بن عبد الْحق وَأَنَّهُمْ أَرَادوا الْخُرُوج عَلَيْهِ فحقد عَلَيْهِم لذَلِك وأحسوا بِالشَّرِّ فَفرُّوا إِلَى تلمسان وَأَقَامُوا هُنَالك إِلَى أَن بعث السُّلْطَان يُوسُف إِلَيْهِم بالأمان فَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بصبرة من نَاحيَة ملوية اعْتَرَضَهُمْ الْأَمِير أَبُو عَامر عبد الله ابْن السُّلْطَان يُوسُف فاستلحمهم أَجْمَعِينَ وَهُوَ يرى أَنه قد أرْضى أَبَاهُ بذلك الْفِعْل واتصل الْخَبَر بالسلطان يُوسُف فسخطه وأقصاه وتبرأ مِنْهُ فَلم يزل طريدا بِبِلَاد الرِّيف وجبال غمارة إِلَى أَن هلك ببني سعيد مِنْهُم آخر سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة وَحمل إِلَى فاس فَدفن بالزاوية الَّتِي دَاخل بَاب الْفتُوح وَخلف ثَلَاثَة أَوْلَاد عَامر وَسليمَان وَدَاوُد فكفلهم جدهم السُّلْطَان يُوسُف إِلَى أَن هلك فولي الْأَمر بعده حافده عَامر وَبعد عَامر سُلَيْمَان وَسَيَأْتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله