لطلب ملك الْمغرب تشغيبا على الْوَزير أبي بكر بن غَازِي ثمَّ أتبعه بالأمير أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن السُّلْطَان أبي سَالم الَّذِي كَانَ محتاطا عَلَيْهِ بطنجة فزحف الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس الْمَذْكُور إِلَى فاس وَظَاهره ابْن عَمه الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن فحاصروا الْوَزير أَبَا بكر بن غَازِي وسلطانه أَبَا زيان ابْن عبد الْعَزِيز وضربوا على فاس الْجَدِيد سياجا بِالْبِنَاءِ للحصار وأنزلوا بِهِ أَنْوَاع الْقِتَال بعد أَن بعث ابْن الْأَحْمَر رسله إِلَى الْأَمِير عبد الرَّحْمَن باتصال الْيَد بِابْن عَمه الْأَمِير أبي الْعَبَّاس ومظاهرته على ملك سلفه بفاس واجتماعهما لمنازلتها وَعقد بَينهمَا الِاتِّفَاق والمواصلة وَأَن يخْتَص عبد الرَّحْمَن بِملك سلفه من سجلماسة وأعمالها فتراضيا وزحفا إِلَى فاس كَمَا قُلْنَا وأمدهم ابْن الْأَحْمَر بِجمع من جنده فاستمر الْحَال على حِصَار فاس إِلَى أَن أذعن الْوَزير أَبُو بكر لخلع سُلْطَانه أبي زيان ومبايعة الْأَمِير أبي الْعَبَّاس فخلعه يَوْم الْأَحَد السَّادِس من محرم فاتح سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَغرب إِلَى الأندلس فَكَانَت دولته سنة وَثَمَانِية أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَالله غَالب على أمره
الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم بن أبي الْحسن
هَذَا السُّلْطَان يُقَال لَهُ ذُو الدولتين لِأَنَّهُ ولي الْملك مرَّتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي أمه حرَّة بنت أبي مُحَمَّد السبائي كنيته أَبُو الْعَبَّاس لقبه الْمُسْتَنْصر بِاللَّه صفته أَبيض اللَّوْن ربعَة تعلوه صفرَة رقيقَة أدعج أسود الشّعْر أكحل الحاجبين ضيق البلج أسيل الْخَدين براق الثنايا جميل الْوَجْه مليح الصُّورَة ظريف المنزع لطيف الشَّمَائِل حسن الشكل إِذا ركب بُويِعَ أَولا بطنجة فِي شهر ربيع الآخر سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة ثمَّ بُويِعَ الْبيعَة الْعَامَّة بِالْمَدِينَةِ الْبَيْضَاء بعد استيلائه عَلَيْهَا يَوْم الْأَحَد السَّادِس من محرم سنة سِتّ وَسبعين