وجعلهم بطانته يركبون خلف ظَهره ويمشون بَين يَدَيْهِ إِذا خرج ويقومون على رَأسه إِذا جلس فاعتضد بهم عبد الْمُؤمن وَبَنوهُ سَائِر دولتهم إِلَى انقراضها وَالله غَالب على أمره
استعداد عبد الْمُؤمن للْجِهَاد وإنشاؤه الأساطيل بسواحل الْمغرب وَمَا يتبع ذَلِك من وَفَاته رَحمَه الله
لما تمهد لعبد الْمُؤمن ملك المغربين وإفريقية والأندلس وطاعت لَهُ سَائِر الأقطار وخضعت لَهُ الرّقاب فِي الْبَوَادِي والأمصار تفرغ لشأنه وتاقت نَفسه للْجِهَاد فعزم على غَزْو بِلَاد الفرنج برا وبحرا فَأمر رَحمَه الله فِي هَذِه السّنة الَّتِي هِيَ سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة بإنشاء الأساطيل فِي جَمِيع سواحل ممالكه فأنشئ لَهُ مِنْهَا أَرْبَعمِائَة قِطْعَة فَمِنْهَا بحلق المعمورة وَهِي الَّتِي تسمى الْيَوْم المهدية مائَة وَعِشْرُونَ قِطْعَة وَمِنْهَا بطنجة وسبتة وباديس ومراسي الرِّيف مائَة قِطْعَة وَمِنْهَا بِبِلَاد إفريقية ووهران ومرسى هنين مائَة قِطْعَة وَمِنْهَا بِبِلَاد الأندلس ثَمَانُون قِطْعَة
وَنظر فِي استجلاب الْخَيل للْجِهَاد والاستكثار من أَنْوَاع السِّلَاح وَالْعدَد وَأمر بِضَرْب السِّهَام فِي جَمِيع عمله فَكَانَ يضْرب لَهُ مِنْهَا فِي كل يَوْم نَحْو عشرَة قناطير جدية فَجمع لَهُ من ذَلِك مَا لَا يُحْصى كَثْرَة وَفِي خلال هَذَا وفدت عَلَيْهِ قَبيلَة كومية كَمَا مر
ثمَّ لما دخلت سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة خرج أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الْمُؤمن من مراكش قَاصِدا الأندلس برسم الْجِهَاد وَكَانَ خُرُوجه يَوْم الْخَمِيس خَامِس ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة فوصل إِلَى رِبَاط سلا فَكتب إِلَى جَمِيع بِلَاد الْمغرب والقبلة وإفريقية والسوس وَغير ذَلِك يستنفرهم إِلَى الْجِهَاد فَأَجَابَهُ خلق كثير وَاجْتمعَ لَهُ من عَسَاكِر الْمُوَحِّدين والمرتزقة وَمن