للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلما وقف عَلَيْهِ الْمَنْصُور وَرَأى تجافيهم فِيهِ عَن خطابه بأمير الْمُؤمنِينَ لم يُعجبهُ ذَلِك وأسرها فِي نَفسه وَحمل الرَّسُول على مناهج الْبر والكرامة ورده إِلَى مرسله وَلم يجبهُ إِلَى حَاجته وَيُقَال إِنَّه جهز لَهُ بعد ذَلِك مائَة وَثَمَانِينَ أسطولا وَمنع النَّصَارَى من سواحل الشَّام وَالله تَعَالَى أعلم

قَالَ ابْن خلدون وَفِي هَذَا دَلِيل على اخْتِصَاص مُلُوك الْمغرب يَوْمئِذٍ بالأساطيل الجهادية وَعدم عناية الدول بِمصْر وَالشَّام لذَلِك الْعَهْد بهَا وَكَانَ ابْن منقذ الْمَذْكُور قد مدح الْمَنْصُور بقصيدة يَقُول فِيهَا

(سأشكر بحرا ذَا عباب قطعته ... إِلَى بَحر جود مَا لأخراه سَاحل)

(إِلَى مَعْدن التَّقْوَى إِلَى كعبة الندى ... إِلَى من سمت بِالذكر مِنْهُ الْأَوَائِل)

(إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلم تزل ... إِلَى بابك المأمول تزجي الرَّوَاحِل)

(قطعت إِلَيْك الْبر وَالْبَحْر موقنا ... بِأَن نداك الْغمر بالنجح كافل)

(وحزت بقصديك العلى فبلغتها ... وَأدنى عطاياك العلى والفواضل)

(فَلَا زلت للعلياء والجود بانيا ... تبلغك الآمال مَا أَنْت آمل)

وعدتها أَرْبَعُونَ بَيْتا فَأعْطَاهُ بِكُل بَيت ألفا وَقَالَ لَهُ إِنَّمَا أعطيناك لفضلك ولبيتك يَعْنِي لَا لأجل صَلَاح الدّين

عود الْمَنْصُور إِلَى إفريقية وَالسَّبَب فِي ذَلِك

لما قدم الْمَنْصُور من الأندلس إِلَى فاس وَفرغ من شَأْن ابْن منقذ تَوَاتَرَتْ إِلَيْهِ الْأَخْبَار بِأَن ابْن غانية قد ظهر بإفريقية فَنَهَضَ إِلَيْهَا من فاس فِي ثامن شعْبَان من تِلْكَ السّنة فَدخل تونس فِي أول ذِي الْقعدَة مِنْهَا فَألْقى بِلَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>