الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بِابْن عريبة وَالسَّبَب فِيهَا
لما فعل الْمولى عبد الله بأعيان فاس ومكناسة مَا فعل من الْقَتْل والاستباحة وَأقَام منكمشا بقصبة أبي فكران نبغت رُؤُوس الْفِتْنَة من الودايا بفاس الْجَدِيد وَأخذُوا فِي نهب الطرقات ثمَّ أَغَارُوا فِي يَوْم خَمِيس على سرح فاس وأجلاب سوقها فاستاقوها حَتَّى لم يتْركُوا لَهُم بقرة وَلَا شَاة وَلَا بَهِيمَة غَيرهمَا
وَلما رأى أهل فاس مَا نزل بهم اجْتَمعُوا وتحالفوا على خلع السُّلْطَان الْمولى عبد الله وبيعة أَخِيه الْمولى مُحَمَّد بن عريبة فَمَشَوْا إِلَيْهِ وَهُوَ بدار الشَّيْخ أبي زيد الشَّامي فأخرجوه وَأخذُوا عَلَيْهِ العهود ثمَّ بَايعُوهُ فِي عَاشر جُمَادَى الأولى سنة خمسين وَمِائَة وَألف وهيؤوا لَهُ كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من خيل وَسلَاح وَآلَة حَرْب وتباروا فِي طَاعَته وخدمته وكتبت بيعَته فِي خَامِس عشر الشَّهْر الْمَذْكُور وَكتب عَلَيْهَا الْفُقَهَاء خطوطهم وَامْتنع بَعضهم من ذَلِك وَقَالُوا بيعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله فِي أعناقنا فَلَا نخلعها فعزلوا عَن الخطط وامتحنوا ثمَّ كتب أهل فاس إِلَى عبيد الدِّيوَان يعرفونهم مَا صَنَعُوا وَيطْلبُونَ مِنْهُم موافقتهم فأجابوهم إِلَى ذَلِك وَبَايَعُوا السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة وَتمّ أمره
وَلما رأى السُّلْطَان الْمولى عبد الله أَن أَمر أَخِيه قد تمّ فر إِلَى جبال البربر وَأقَام هُنَالك ثمَّ فتحت أَبْوَاب فاس وانتقل السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد إِلَى فاس الْجَدِيد وَمن الْغَد نَهَضَ إِلَى مكناسة فاحتل بهَا وَبَايَعَهُ العبيد الْبيعَة الْعَامَّة وقدمت عَلَيْهِ الْوُفُود من سَائِر الأقطار بهداياهم فأجازهم وَفرق مَا كَانَ عِنْده من المَال على العبيد وَكَانَ مَا نذكرهُ