ولَايَة زُهَيْر بن قيس البلوي على الْمغرب ومقتل كسيلة وَمَا يتبع ذَلِك
لما اسْتَقل عبد الْملك بن مَرْوَان بالخلافة كَانَ زُهَيْر مُقيما ببرقة مُنْذُ مهلك عقبَة بن نَافِع كَمَا مر فَبعث إِلَيْهِ عبد الْملك بالمدد وولاه حَرْب البربر وَأمره بإستنقاذ القيروان وَمن بهَا من الْمُسلمين من يَد كسيلة المتغلب عَلَيْهَا وحضه على الطّلب بِدَم عقبَة فَرَاجعه زُهَيْر يُعلمهُ بِكَثْرَة الفرنج والبربر فأمده بِالْمَالِ ووجوه الْعَرَب وفرسانها فزحف زُهَيْر إِلَى الْمغرب سنة تسع وَسِتِّينَ فِي آلَاف من الْمُقَاتلَة وَجمع لَهُ كسيلة البرانس وَسَائِر البربر ولقيه بممس من نواحي القيروان وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ ثمَّ انْهَزَمت البربر بعد حروب صعبة وَقتل كسيلة ووجوه من مَعَه من البربر وَمن لَا يُحْصى من عامتهم واتبعهم الْعَرَب إِلَى مرماجنة ثمَّ إِلَى وَادي ملوية وَفِي هَذِه الْوَقْعَة ذل البربر وفنيت فرسانهم ورجالهم وخضدت شوكتهم واضمحل أَمر الفرنجة فَلم يعد وَخَافَ البربر من زُهَيْر وَالْعرب خوفًا شَدِيدا فلجؤوا إِلَى القلاع والحصون وَكسرت شَوْكَة أوربة من بَينهم وَاسْتقر جمهورهم بديار الْمغرب الْأَقْصَى وملكوا مَدِينَة وليلى وَكَانَت فِيمَا بَين مَوضِع فاس ومكناسة بِجَانِب جبل زرهون وَلم يكن لَهُم بعد هَذِه الْوَقْعَة ذكر إِلَى أَن قدم عَلَيْهِم إِدْرِيس بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ فَقَامُوا بدعوته على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
وَأما زُهَيْر فَإِنَّهُ لما رأى مَا منحه الله من الظفر والنصر وسَاق إِلَيْهِ من الْعِزّ وَالْملك خشِي على نَفسه الْفِتْنَة وَكَانَ من الْعباد المخبتين فَترك القيروان آمن مَا كَانَت وارتحل إِلَى الْمشرق وَقَالَ إِنَّمَا جِئْت للْجِهَاد فِي سَبِيل الله وأخاف على نَفسِي أَن تميل إِلَى الدُّنْيَا فَلَمَّا وصل إِلَى برقة وجد