ولَايَة كُلْثُوم بن عِيَاض على الْمغرب ومقتله
لما انْتهى إِلَى الْخَلِيفَة هِشَام مَا كَانَ من أَمر خوارج البربر بالمغرب والأندلس وخلعهم للطاعة شقّ ذَلِك عَلَيْهِ واستضعف ابْن الحبحاب فَكتب إِلَيْهِ يستقدمه وَولى على الْمغرب كُلْثُوم بن عِيَاض الْقشيرِي وَوجه مَعَه جَيْشًا كثيفا لقتالهم كَانَ فِيهِ مَعَ مَا انضاف إِلَيْهِ من مَجْمُوع الْبِلَاد الَّتِي مر بهَا سَبْعُونَ ألفا على مَا قيل
وَلما انْتهى كُلْثُوم إِلَى القيروان أَسَاءَ السِّيرَة فِي أَهلهَا فَكَتَبُوا إِلَى حبيب بن أبي عُبَيْدَة وَهُوَ يَوْمئِذٍ بتلمسان مَوَاقِف للبربر يَشكونَ مِنْهُ إِلَيْهِ وَكَانَ لآل عقبَة بالمغرب وجاهة لم تكن لغَيرهم فَكتب إِلَيْهِ حبيب ينهاه ويتوعده فَاعْتَذر كُلْثُوم وأغضى لَهُ عَلَيْهَا ثمَّ اسْتخْلف على القيروان عبد الرَّحْمَن بن عقبَة وَسَار يؤم الْمغرب فِي جموعه وعَلى مقدمته ابْن أَخِيه بلج بن بشر الْقشيرِي فَمر على طَرِيق سبتة وانْتهى إِلَى تلمسان فلقي حبيب بن أبي عُبَيْدَة فاقتتلا ثمَّ اصطلحا وزحفا جَمِيعًا إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى فَنَهَضت إِلَيْهِم البربر وَكَانَ اللِّقَاء على وَادي سبو من أَعمال طنجة
وَقَالَ ابْن خلدون فِي أَخْبَار البربر إِن الْخَلِيفَة هِشَام ولى كُلْثُوم بن عِيَاض على الْمغرب سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة سرحه فِي اثْنَي عشر ألفا من أهل الشَّام وَكتب إِلَى ثغور مصر وبرقة وطرابلس أَن يمدوه فزحف إِلَى إفريقية ثمَّ إِلَى الْمغرب حَتَّى بلغ وَادي سبو فبرز إِلَيْهِ خَالِد بن حميد الزناتي فِيمَن مَعَه من البربر وَكَانُوا خلقا لَا يُحصونَ فَلَقوا كُلْثُوم بن عِيَاض بعد أَن هزموا مقدمته فَاشْتَدَّ الْقِتَال بَينهم وَقتل كُلْثُوم وحبِيب بن أبي عُبَيْدَة وَكثير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute