من الْجند وافترقت العساكر فَمضى أهل الشَّام إِلَى الأندلس مَعَ بلج بن بشر وَمضى أهل مصر وإفريقية إِلَى القيروان
وَمَا ذكره أَن خَالِد بن حميد هُوَ الَّذِي هزم جيوش كُلْثُوم فِي هَذِه الْوَقْعَة هُوَ مُقْتَضى مَا سبق من أَن ميسرَة قتل فِي ولَايَة عبيد الله بن الحبحاب وَجزم ابْن حَيَّان بِأَن الَّذِي هزم جيوش كُلْثُوم هُوَ ميسرَة الخفير وَاقْتصر عَلَيْهِ ابْن خلدون فِي أَخْبَار بني فاتن قَالَ انْتَهَت مُقَدّمَة كُلْثُوم بن عِيَاض إِلَى سبو من أَعمال طنجة فَلَقِيَهُ البربر هُنَالك مَعَ ميسرَة وَقد فحصوا عَن أوساط رؤوسهم وتنادوا بشعار الخارجية فهزموا مقدمته ثمَّ هزموه وقتلوه وَكَانَ كيدهم فِي لقائهم إِيَّاه أَن ملؤوا الشنان بِالْحِجَارَةِ وربطوها فِي أَذْنَاب الْخَيل ثمَّ أرسلوها فِي جَيش الْعَرَب فَكَانَت الْحِجَارَة تقَعْقع فِي شنانها وخيل الْعَرَب تنفر حَتَّى اخْتَلَّ مَصَافهمْ وتمت الْهَزِيمَة عَلَيْهِم فافترقوا وَذهب بلج مَعَ الطَّلَائِع من أهل الشَّام إِلَى سبتة وَرجع أهل مصر وإفريقية إِلَى القيروان وَظَهَرت الْخَوَارِج فِي كل جِهَة واقتطع الْمغرب عَن طَاعَة الْخُلَفَاء إِلَى أَن هلك ميسرَة وَقَامَ برياسة مضغرة من بعده يحيى بن حَارِث مِنْهُم اه كَلَام ابْن خلدون فاضطرب النَّقْل فِي هَذِه الْوَاقِعَة كَمَا ترى وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
قَالَ ابْن حَيَّان إِن كُلْثُوم بن عِيَاض لما انْهَزَمت جيوشه نجا جريحا إِلَى سبتة فِي أهل الشَّام وَمَعَهُ ابْن أَخِيه بلج بن بشر بن عِيَاض وحاصرهم البربر بهَا وَلما اشْتَدَّ حصارهم بسبتة وانقطعت عَنْهُم الأقوات وبلغوا من الْجهد الْغَايَة اسْتَغَاثُوا بإخوانهم من عرب الأندلس فتثاقل عَنْهُم صَاحبهَا عبد الْملك بن قطن لخوفه على سُلْطَانه مِنْهُم فَلَمَّا شاع خبر ضررهم عِنْد رجالات الْعَرَب اشفقوا عَلَيْهِم فأغاثهم زِيَاد بن عَمْرو اللَّخْمِيّ بمركبين مشحونين ميرة أَمْسَكت من أرماقهم فَلَمَّا بلغ ذَلِك عبد الْملك بن قطن ضربه سَبْعمِائة سَوط ثمَّ اتهمه بعد ذَلِك بتضريب الْجند عَلَيْهِ فسمل عَيْنَيْهِ ثمَّ ضرب عُنُقه وصلب عَن يسَاره كَلْبا وَاتفقَ فِي هَذَا الْوَقْت أَن برابرة الأندلس لما بَلغهُمْ مَا كَانَ من ظُهُور برابرة العدوة على الْعَرَب انتقضوا على عرب الأندلس