تحرّك السُّلْطَان الْمولى عبد الله من السوس وفرار السُّلْطَان أبي الْحسن إِلَى الأحلاف وَمَا كَانَ من أمره إِلَى وَفَاته
لما كَانَ شهر ذِي الْحجَّة من سنة تسع واربعين وَمِائَة وَألف ورد الْخَبَر بِأَن السُّلْطَان الْمولى عبد الله قد أقبل من وَادي نول وَوصل إِلَى تادلا فاهتز العبيد لَهُ وتحدثت فرقة مِنْهُم برده إِلَى الْملك وَخَالفهُم سَالم الدكالي فِي جمَاعَة من شيعته وَقَالُوا لَا نخلع طَاعَة مَوْلَانَا عَليّ إِذْ كَانَ سَالم هَذَا وَأَصْحَابه هم الَّذين تسببوا فِي خلع الْمولى عبد الله وتولية أَخِيه الْمولى عَليّ
ثمَّ إِن شيعَة الْمولى عبد الله قويت وكثروا أَصْحَاب سَالم وأعلنوا بيعَته ففر سَالم فِيمَن مَعَه من القواد إِلَى زَاوِيَة زرهون مستجيرا بهَا
وَلما سمع بذلك السُّلْطَان الْمولى أَبُو الْحسن فر من مكناسة إِلَى فاس الْجَدِيد فصده الودايا عَن الدُّخُول إِلَيْهَا فَعدل إِلَى قنطرة وَادي سبو فَنزل هُنَالك يَوْمًا أَو بعض يَوْم إِلَى أَن قضى بعض إربه ثمَّ أصبح غاديا إِلَى تازا فاحتلها ثمَّ انْتقل عَنْهَا إِلَى عرب الأحلاف فَأَنَاخَ بديارهم فَفَرِحُوا بِهِ وأكرموه وصاهروه وَأقَام بَين أظهرهم عدَّة سِنِين معرضًا عَن الْملك وأسبابه إِلَى أَن رَجَعَ إِلَى مكناسة فاستوطنها بِإِشَارَة أَخِيه السُّلْطَان الْمولى عبد الله حِين وَفد عَلَيْهِ بدار الدبيبغ من فاس سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فَأعْطَاهُ مَالا وجنات ومزارع مِمَّا كَانَ لجَانب المخزن بمكناسة وَبَعثه إِلَى دَاره بهَا فَأَقَامَ يَسِيرا ثمَّ وثب عَلَيْهِ العبيد فقبضوا عَلَيْهِ وبعثوا بِهِ إِلَى أَخِيه السُّلْطَان الْمولى عبد الله وَقَالُوا إِن هَذَا قد أفسد علينا بِلَادنَا فَأَخذه وسرحه إِلَى تافيلالت فاستقر بهَا إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله كَمَا سَيَأْتِي