الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن أبي الْحسن
أمه أم ولد اسْمهَا عسيلة صفته أسود اللَّوْن عَظِيم الْخلق رحب الْوَجْه طَوِيل الْقَامَة والساقين ممتلئ الْأنف عَظِيم الساعدين وَكَانَ قبل ولَايَته عِنْد ابْن الْأَحْمَر بالأندلس فِي جملَة الْقَرَابَة وَلما استوحش الْوَزير مَسْعُود من السُّلْطَان مُوسَى بن أبي عنان بعث ابْنه يحيى إِلَى ابْن الْأَحْمَر يسْأَل مِنْهُ إِعَادَة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس إِلَى ملكه فَأخْرجهُ ابْن الْأَحْمَر من الاعتقال وَجَاء بِهِ إِلَى جبل الْفَتْح يروم إِجَازَته إِلَى العدوة فَلَمَّا توفّي السُّلْطَان مُوسَى بدا للوزير مَسْعُود فِي أمره ودس لِابْنِ الْأَحْمَر فِي رده وَأَن يبْعَث إِلَيْهِ بالواثق هَذَا وَرَآهُ أليق بالاستبداد وَالْحجر فأسعفه ابْن الْأَحْمَر فِي ذَلِك ورد السُّلْطَان أَحْمد إِلَى مَكَانَهُ بالحمراء وَجِيء بالواثق فَحَضَرَ بجبل الْفَتْح عِنْده فَأَجَازَهُ إِلَى سبتة وَاتفقَ أَن جمَاعَة من الْحَاشِيَة انتقضوا على الْوَزير مَسْعُود وَلَحِقُوا بسبتة فَقدم عَلَيْهِم الواثق بهَا وَرَجَعُوا بِهِ إِلَى الْمغرب وتقلبوا فِي نواحيه إِلَى أَن وصلوا إِلَى جبل مغيلة قرب فاس فبرز الْوَزير مَسْعُود فِي العساكر وَنزل قبالتهم وَقَاتلهمْ هُنَالك أَيَّامًا ثمَّ وَقع الِاتِّفَاق على أَن يُبَايع مَسْعُود للواثق بِشَرْط الاستبداد فتم العقد على ذَلِك
قَالَ فِي الجذوة بُويِعَ السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أَبُو زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل يَوْم الْجُمُعَة الْخَامِس عشر من شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقَامَ بأَمْره الْوَزير مَسْعُود بن ماساي ثمَّ حدثت الْفِتْنَة بَين الْوَزير الْمَذْكُور وَابْن الْأَحْمَر بِسَبَب أَن الْوَزير طلب مِنْهُ إِعَادَة سبتة إِلَى الإيالة المرينية وَكَانَ مُوسَى ابْن أبي عنان قد نزل لَهُ عَنْهَا كَمَا مر وَكَانَ طلبه على سَبِيل الملاطفة فاستشاط ابْن الْأَحْمَر غَضبا وأساء الرَّد فَجهز ابْن ماساي العساكر لحصار سبتة مَعَ الْعَبَّاس بن عمر بن عُثْمَان الوسنافي وَيحيى بن علال بن آمصمود والرئيس مُحَمَّد بن أَحْمد الأبكم من بني الْأَحْمَر فاستولى عَلَيْهَا