نقل بعض المؤرخين أَن عبد الْمُؤمن لم يزل محاصرا لتلمسان والفتوح ترد عَلَيْهِ وَهُنَاكَ وصلته بيعَة أهل سجلماسة إِلَى أَن اعتزم على الرحيل إِلَى الْمغرب فَترك إبراهم يبن جَامع محاصرا لتلمسان وَقصد مَدِينَة فاس سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقد تحصن بهَا يحيى بن أبي بكر الصحراوي من فل تاشفين بن عَليّ من وهران فنازلها عبد الْمُؤمن وَبعث عسكرا لحصار مكناسة ثمَّ نَهَضَ فِي أَتْبَاعه وَترك عسكرا من الْمُوَحِّدين على فاس وَعَلَيْهِم الشَّيْخ أَبُو حَفْص وَأَبُو إِبْرَاهِيم من صحابة الْمهْدي الْعشْرَة فحاصروها سَبْعَة أشهر ثمَّ داخلهم ابْن الجياني فسرب الْبَلَد وَأدْخل الْمُوَحِّدين لَيْلًا وفر يحيى بن أبي بكر الصحراوي إِلَى طنجة ثمَّ أجاء مِنْهَا إِلَى يحى بن عَليّ المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية بالأندلس وَكَانَ واليا على قرطبة من قبل المرابطين فَأَقَامَ عِنْده إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ وانْتهى خبر فتح فاس إِلَى عبد الْمُؤمن وَهُوَ بمكانه من حِصَار مكناسة فَرجع إِلَيْهَا ودخلها
وَحكى صَاحب القرطاس فِي فتح فاس خلاف هَذَا الْوَجْه فَقَالَ وَفِي سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة فتح عبد الْمُؤمن فاسا بعد حِصَار شَدِيد قطع عَنْهَا مَاء النَّهر الدَّاخِل إِلَيْهَا وسده بِالْبِنَاءِ والخشب حَتَّى انحبس المَاء فَوق بسيط الأَرْض وانْتهى إِلَى مراكزه مِنْهَا ثمَّ خرق السد فانحدر المَاء على الْمَدِينَة دفْعَة وَاحِدَة وَهدم سورها ثمَّ هدم من دورها مايزيد عَن ألفي دَار بالتثنية وَهلك بهَا خلق كثير وَكَانَ المَاء يَأْتِي على أَكْثَرهَا ثمَّ دَخلهَا عبد الْمُؤمن وَأمن أَهلهَا إِلَّا من كَانَ بهَا من المرابطين فَإِنَّهُ أَمر أَن لَا يمْضِي لَهُم أَمَان وقتلهم قتل عَاد ثمَّ أَمر بسور الْمَدِينَة فهدم مِنْهُ ثلم كَثِيرَة أوسعها جدا وَقَالَ إِنَّا لَا نحتاج إِلَى سور وَإِنَّمَا أسوارنا سُيُوفنَا وعدلنا فَم تزل فاس لَا سور لَهَا إِلَى أَن تداركها حافده يَعْقُوب الْمَنْصُور فابتدأ بناءه وَمَات فأتمه ابْنه النَّاصِر سنة سِتّمائَة