فَبَايعُوهُ بِجَامِع الْمَنْصُور من قَصَبَة مراكش بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّامِن وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة وَامْتنع عرب الْخَلْط وقبائل هسكورة من بيعَته وَقَالُوا قد بَايعنَا الْمَأْمُون فَلَا ننكث بيعَته وَتَأَخر قدوم الْمَأْمُون إِلَى مراكش وَبَقِي بالأندلس لأسباب يَأْتِي شرحها وَأقَام يحيى بمراكش واستتب أمره بهَا بعض الشَّيْء وجهز جَيْشًا من الْمُوَحِّدين والجند إِلَى قتال الْخَلْط وهسكورة وهم يَوْمئِذٍ فِي طَاعَة الْمَأْمُون فَانْهَزَمَ جَيش يحيى وَقتل مِنْهُ خلق كثير وَعَاد مفلولا إِلَى مراكش ثمَّ اطلع يحيى على مداخلة أبي زيد بن يرجان للْعَرَب وهسكورة فِي الْغَارة على مراكش واطلع على ذَلِك أَيْضا أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن الشَّهِيد فَقتل ابا زيد بن يرجان وَابْنه عبد الله وَنصب رؤوسهما على بَاب الْكحل وطوف أجسادهما بأسواق الْمَدِينَة ثمَّ اضْطَرَبَتْ الْأَحْوَال على يحيى وانتقضت الْبِلَاد وغلت الأسعار وَعم الخراب وَالْفساد بِلَاد الْمغرب واستحوذ بَنو مرين على ضواحيه وضايقوا الْمُوَحِّدين فِي كثير فِي أمصاره واقتضوا جبايته ونبغت الثوار فِي الأقطار على مَا نذكرهُ
ثورة مُحَمَّد بن أبي الطواجين الكتامي بجبال غمارة
وَلما كَانَت سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة ثار بجبال غمارة مُحَمَّد بن أبي الطواجين الكتامي المتنبي وَكَانَ أَبوهُ من قصر كتامة منقبضا عَن النَّاس وَكَانَ ينتحل صناعَة الكيمياء فَكَانَ يلقب بِأبي الطواجين لِكَثْرَة الظروف الَّتِي كَانَ يستعملها فِي ذَلِك بِزَعْمِهِ وتلقن ذَلِك عَنهُ ابْنه هَذَا ثمَّ ارتحل إِلَى سبتة وَنزل على بني سعيد بأحوازها وَادّعى صناعَة الكيمياء فَتَبِعَهُ الغوغاء ثمَّ ادّعى النُّبُوَّة وَشرع الشَّرَائِع وَأظْهر أنواعا من الشعبذة فَكثر تابعوه ثمَّ اطلعوا على خبثه فنبذوا إِلَيْهِ عَهده وزحفت إِلَيْهِ عَسَاكِر سبتة ففر عَنْهُم ثمَّ قَتله