لما مَاتَ مُحَمَّد واعزيز لم يبْق بآيت أدراسن من يقوم فِيهَا مقَامه فهاجت الْفِتْنَة بَينهم وَبَين جروان فزحفوا إِلَى كروان وأوقعوا بهم فانهزمت كروان أمامهم ولجؤوا إِلَى دَار الدبيبغ معتصمين بهَا ومستجيرين بالسلطان الَّذِي بهَا وضاق بهم رحب الفضاء وعدموا المرعى فشرعوا فِي بيع مَوَاشِيهمْ فبلغت الْبَقَرَة بسوق فاس خمس أَوَاقٍ وَالشَّاة أُوقِيَّة فَأمر السُّلْطَان الْمولى عبد الله الودايا بنصرتهم وآخى بَينهم وَبينهمْ وَعقد لَهُم حلفا مؤكدا مَعَهم فَقَامُوا لحمايتهم والدفاع عَنْهُم وأنشبوا الْقِتَال فَكَانَت الْهَزِيمَة على آيت آدراسن ففرت خيلهم ومقاتلتهم وانكسرت حلتهم وَقتلُوا فِي كل وَجه وَمن سلم مِنْهُم لَجأ إِلَى بِلَاد شراقة فَاسْتَجَارَ بهَا فَكَانَ عدد من قتل مِنْهُم بِتِلْكَ الْوَقْعَة نَحْو الْخَمْسمِائَةِ وَهَذَا سَبَب حلف الودايا مَعَ جروان
ثمَّ دخلت سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فِيهَا قدم على السُّلْطَان الْمولى عبد الله عبيد مكناسة وَرَغبُوا إِلَيْهِ فِي الذّهاب مَعَهم إِلَيْهَا إِذْ هِيَ دَار ملكه وَملك أَبِيه من قبله فَقَالَ لَهُم كَيفَ أذهب مَعكُمْ وَفِي وسطكم فلَان وَفُلَان لجَماعَة سماهم مِنْهُم كَانُوا منحرفين عَنهُ فَرجع العبيد إِلَى منزلهم وَلما جن اللَّيْل طرقوا أُولَئِكَ الْمُسلمين وأمثالهم فِي رحالهم فَقَتَلُوهُمْ إرضاء للسُّلْطَان وتطييبا لنَفسِهِ وَكَانَ مِنْهُم الْقَائِد مُحَمَّد السلاوي والقائد سُلَيْمَان بن العسري والقائد زعبول وَغَيرهم
وَلما بلغ السُّلْطَان ذَلِك بعث إِلَيْهِم بِأَرْبَعِينَ ألف مِثْقَال راتبا وصرفهم إِلَى مكناسة وَقَالَ لَهُم إِذا فرغت من عَمَلي أتيتكم
وَفِي هَذِه السّنة أَيْضا قدم عَلَيْهِ الْقَائِد أَبُو عبد الله مُحَمَّد الوقاش فِي أهل تطاوين بهدية فِيهَا ألف ريال وبأسارى وسلع من سلع النَّصَارَى غنمتها قراصينهم فَأكْرمه السُّلْطَان وَأَعْطَاهُ جاريتين وانقلب إِلَى أَهله مَسْرُورا
وفيهَا قدم على السُّلْطَان أَخُوهُ الْمولى أَبُو الْحسن المخلوع بدار الدبيبغ