غَزْو السُّلْطَان أبي الْحسن أهل جبل فازاز فِي جَيش العبيد وهزيمتهم إِيَّاه
لما كَانَت أَوَاخِر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف أَخذ السُّلْطَان أَبُو الْحسن فِي الاستعداد وتجهيز العساكر لآيت ومالو وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ إسعافا للعبيد ليأخذوا بثأرهم من البربر فِي الْوَقْعَة السَّابِقَة أَيَّام السُّلْطَان الْمولى عبد الله فَخرج إِلَيْهِم فِي الْمحرم فاتح سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف فِي جَيش كثيف من العبيد فَلَمَّا نذروا بإقباله إِلَيْهِم ودنوه مِنْهُم أظهرُوا الْفِرَار أمامهم مثل الفعلة الأولى فصاروا يتأخرون وَيتبع آثَارهم فَينزل مَنَازِلهمْ إِلَى أَن عبروا وَادي أم الرّبيع ودخلوا فِي الْجبَال فَعبر السُّلْطَان خَلفهم وَتقدم العبيد إِلَى الْجبَال والأوعار فاقتحموها عَلَيْهِم فَلَمَّا توسطوها كرت البربر عَلَيْهِم وانقضوا عَلَيْهِم من الثنايا انقضاض العقبان وَأَحَاطُوا بهم من كل وَجه فَوَلوا منهزمين وازدحموا على الثنايا وسلكوا سبيلهم فِي الْمرة الأولى من ترك الْخَيل وَالسِّلَاح والأبنية والأثاث والنجاة بِمُجَرَّد أَعْنَاقهم وسلبهم البربر حَتَّى من الثِّيَاب وَلم يتَعَرَّضُوا للسُّلْطَان فِي موكبه وخاصته إِلَى أَن عبر وَادي أم الرّبيع فَرَجَعُوا عَنهُ وَلما دخل مكناسة طَالبه العبيد بالكسوة وَالسِّلَاح والراتب فَلم يكن عِنْده مَا يعطيهم فشغبوا عَلَيْهِ ومرضوا فِي طَاعَته
وَقد أجمل صَاحب نشر المثاني هَذِه الْأَخْبَار فَقَالَ وَفِي هَذِه السّنة يَعْنِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف أهلك الله كل من خرج على السُّلْطَان مولَايَ عبد الله وقويت الْفِتَن وَارْتَفَعت الأسعار وانحبست الأمطار وقاسى النَّاس الشدائد من الغلاء وَقل الإدام وَانْقطع اللَّحْم وَهَلَكت رِقَاب كَثِيرَة وَلم يزل الْأَمر فِي شدَّة وفر النَّاس كل فرار