كَانَت تغير على سواحل أصبانيا وتغنم مراكبها وَلما كَانَت سنة ألف وَأَرْبَعمِائَة مسيحية الْمُوَافقَة لسنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة هجرية بعث الطاغية الريكي الثَّالِث شكوادرة لغزو تطاوين ومراكبها فانتهت إِلَى وَادي مرتيل وأفسدت قراصين الْمُسلمين الَّتِي بِهِ ثمَّ نزلت عَسَاكِر الإصبنيول للبر فَاقْتَحَمت مَدِينَة تطاوين بعد أَن جلا أَهلهَا عَنْهَا وخربتها وعاثت فِيهَا وَبقيت خربة نَحْو تسعين سنة ثمَّ جدد بناؤها على يَد الرئيس أبي الْحسن عَليّ المنظري الغرناطي كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَت وَفَاة فارح بن مهْدي فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَالله تَعَالَى أعلم
حجابة أبي مُحَمَّد الطريفي وَسيرَته
لما توفّي الْحَاجِب فارح بن مهْدي ولي الحجابة من بعده أَبُو مُحَمَّد عبد الله الطريفي وَكَانَ من فضلاء الْحجاب وَهُوَ الَّذِي بنى مَسْجِد السُّوق الْكَبِير بفاس الْجَدِيد وَحبس عَلَيْهِ كتبا كَثِيرَة فَكَانَ ذَلِك من حَسَنَاته الْبَاقِيَة نَفعه الله بِقَصْدِهِ
حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد وَالسُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك
لما توفّي السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس الحفصي صَاحب تونس ولي الْأَمر من بعده ابْنه أَبُو فَارس الْمَذْكُور فوزع الْوَظَائِف من الْإِمَارَة والوزارة وَولَايَة الْأَعْمَال على إخْوَته فاعتضد بهم وَكَانَ من جُمْلَتهمْ أَخُوهُ أَبُو بكر بن أبي الْعَبَّاس بقسنطينة فنازعه بهَا ابْن عَمه الْأَمِير أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي صَاحب بونة وألح عَلَيْهِ فِي الْحصار فصمد إِلَيْهِ السُّلْطَان أَبُو فَارس الحفصي وأوقع بِهِ على سيبوس وقْعَة شنعاء انْتَهَت بِهِ هزيمتها إِلَى فاس مستصرخا صَاحبهَا وَهُوَ يَوْمئِذٍ أَبُو فَارس المريني فَأَقَامَ أَبُو عبد الله بفاس