والمقدار وَجَرت عَلَيْهِ جراية وَاسِعَة ورعاية متتابعة إِلَى آخر كَلَامه وَيَعْنِي بقوله هَذِه الْبِلَاد بِلَاد الأندلس وَالله أعلم
الْمُصَاهَرَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد فِي ابْنه أبي الْحسن وَبَين أبي بكر بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك
كَانَ أَبُو تاشفين عبد الرَّحْمَن بن أبي حمو مُوسَى بن عُثْمَان بن يغمراسن صَاحب تلمسان قد ضايق بني أبي حَفْص أَصْحَاب تونس وإفريقية فِي بِلَادهمْ وَاسْتولى على كثير من ثغورهم وردد الْبعُوث والسرايا إِلَى أَطْرَاف ممالكهم وَفِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة جهز ابو تاشفين إِلَيْهِم جَيْشًا كثيفا وَعقد عَلَيْهِ ليحي بن مُوسَى من صنائع دولته وَنصب مَعَ ذَلِك لملك تونس وإفريقية بعض أعقاب الحفصيين وَهُوَ مُحَمَّد بن ابي عمرَان كَانَ لَجأ إِلَيْهِ فِي بعض الْفِتَن الَّتِي كَانَت لَهُ مَعَ بني عَمه وَتقدم هَذَا الْجَيْش إِلَى أبي بكر بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي فهزموه واقتحموا مَدِينَة تونس فاستولوا عَلَيْهَا ونصبوا لملكها وَالْولَايَة عَلَيْهَا مُحَمَّد بن أبي عمرَان الْمَذْكُور لَيْسَ لَهُ من الْملك إِلَّا الِاسْم وَالْأَمر كُله بيد يحيى بن مُوسَى قَائِد الْجَيْش وخلص السُّلْطَان أَبُو بكر بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي إِلَى بونة جريحا مطرودا عَن كرْسِي ملكه وَدَار عزه فعزم حِينَئِذٍ على الْوِفَادَة على السُّلْطَان أبي سعيد المريني ليَأْخُذ لَهُ حَقه من آل يغمراسن المتغلبين عَلَيْهِ وَأَرَادَ مَعَ ذَلِك تَجْدِيد الوصلة الَّتِي كَانَت لسلفه مَعَ بني مرين فَأَشَارَ عَلَيْهِ حَاجِبه مُحَمَّد بن سيد النَّاس بإنفاذ ابْنه الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء صَاحب الثغر استنكافا لَهُ عَن مثلهَا فَقبل إِشَارَته وأركب ابْنه الْمَذْكُور الْبَحْر وَبعث مَعَه وزيره أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن تافراجين نافضا أَمَامه طرق الْمَقَاصِد والمحاورات ونزلوا بمرسى غساسة من سَاحل الْمغرب وَقدمُوا على السُّلْطَان أبي سعيد بِحَضْرَتِهِ فأبلغوه رِسَالَة أبي بكر الحفصي فاهتز لذَلِك هُوَ وَابْنه الْأَمِير أَبُو الْحسن وَقَالَ لوفد الحفصيين