مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة وشدد عَلَيْهِم الْحصار وَأَرَادَ استئصالهم وَقطع دابرهم فعذله على ذَلِك أكَابِر دولته وَقَالُوا لَهُ أَتُرِيدُ أَن تقطع دابر أهل الْبَيْت من الْمغرب وتخليه مِنْهُم هَذَا الشَّيْء لَا نوافقك عَلَيْهِ وَلَا نَتْرُكك لَهُ فاستحيا عِنْد ذَلِك وارتحل عَنْهُم إِلَى فاس وَخلف على حصارهم قائده أَبَا الْفَتْح التسولي فِي ألف فَارس يمنعهُم من التَّصَرُّف وَكَانَ ذَلِك سنة سبع عشرَة وثلاثمائة
اسْتِيلَاء مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة على تلمسان وأعمالها
لما ارتحل مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة عَن حجر النسْر سَار إِلَى فاس فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا وَقتل عَامله على عدوة الأندلس عبد الله بن ثَعْلَبه بن محَارب بن عبود الْأَزْدِيّ وَولى مَكَانَهُ أَخَاهُ مُحَمَّد بن ثَعْلَبَة ثمَّ عَزله وَولى مَكَانَهُ طوال بن أبي يزِيد فَلم يزل عَاملا عَلَيْهَا إِلَى أَن خرجت فاس عَن يَد أبن أبي الْعَافِيَة
وَاسْتعْمل مُوسَى على الْمغرب الْأَقْصَى وَلَده مَدين بن مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة وأنزله بعدوة الْقرَوِيين ثمَّ نَهَضَ إِلَى تلمسان سنة تسع عشرَة وثلاثمائة فملكها وأعمالها وَكَانَت بيد الْحسن بن أبي الْعَيْش من أعقاب سُلَيْمَان بن عبد الله أخي إِدْرِيس الْأَكْبَر وفر الْحسن إِلَى مَدِينَة مليلة من جزائر ملوية وَبنى هُنَاكَ حصنا وتحصن بِهِ ثمَّ زحف ابْن أبي الْعَافِيَة إِلَى مَدِينَة نكور فملكها أَيْضا وحاصر الْحسن فِي حصنه مُدَّة ثمَّ عقد لَهُ سلما على حصنه وَكَانَ ذَلِك فِي شعْبَان سنة عشْرين وثلاثمائة ثمَّ عَاد إِلَى فاس وَقد دوخ الْبِلَاد والأقطار وانتظم المغربان الْأَقْصَى والأوسط فِي ملكه