نهوض السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى قتال البربر وإيقاعه بهم
لما اسْتَقر السُّلْطَان الْمولى عبد الله بمكناسة وتفقد حَال البربر وجدهَا قد عَادَتْ إِلَى حَالهَا الأول من ركُوب الْخَيل واقتناء السِّلَاح والعيث فِي الطرقات فَأمر العبيد بالاستعداد لغزوهم وتمهيد الْبِلَاد وَالتَّقْصِير من بأوهم فَخرج إِلَى تادلا وصمد إِلَى آيت يمور الَّذين كَانُوا قد نزلُوا بهَا وأضروا بِأَهْلِهَا حِين نفتهم آيت ومالو عَن رَأس ملوية وغلبوهم عَلَيْهِ فنزلوا تادلا وأوقدوها نَارا فَكثر شاكيهم بِبَاب السُّلْطَان فَنَهَضَ إِلَيْهِم على مَا سبق وَلما أحسوا بدنوه مِنْهُم فروا أَمَامه ودخلوا بِلَاد آيت يسري فَتَبِعهُمْ إِلَى أَن أوقع بهم على وَادي العبيد وَقتل مِنْهُم آلافا وانتهبهم وَعَاد إِلَى تادلا ظافرا وَالله غَالب على أمره
ذكر مَا صدر من السُّلْطَان الْمولى عبد الله من العسف المخل بالسياسة والتناقض المغير فِي وَجه الرياسة
لما عَاد السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى تادلا قتل عشْرين رجلا من أَعْيَان رُمَاة أهل فاس وَكتب إِلَى إخْوَانهمْ يعْتَذر عَن قتل من قتل مِنْهُم وَيَأْمُرهُمْ بتجديد بعث آخر وتوجيهه إِلَيْهِ فعينو طَائِفَة من رماتهم وجهوها بعد أَن عرضهَا الْقَائِد حمدون الروسي بِرَأْس المَاء ثمَّ من الْغَد قتل الْقَائِد حمدون الْمَذْكُور عبد الْوَاحِد تيبر وَمُحَمّد بن الْأَشْهب من أهل فاس بِبَاب السجْن وَأمر بجرهما فِي سِكَك الْمَدِينَة ثمَّ أصبح غاديا على أَبْوَاب فاس فتتبعها بالهدم فهدم بَاب المحروق وَبَاب الْفتُوح وَبَاب الجيسة وَبَاب بني مُسَافر وَبَاب الْحَدِيد وَحمل مصاريعها كلهَا إِلَى فاس الْجَدِيد وَفِي أول يَوْم من الْمحرم من سنة ثَلَاث واربعين وَمِائَة وَألف شرع حمدون الروسي فِي هدم سور مَدِينَة فاس وجر الأنقاض الَّتِي بهَا إِلَى فاس الْجَدِيد وَفِي أثْنَاء ذَلِك