شَوَّال مِنْهَا كَانَت زَلْزَلَة عَظِيمَة لم يسمع بِمِثْلِهَا تهدمت مِنْهَا الْقُصُور وانحطت مِنْهَا الصخور من الْجبَال وفر النَّاس من المدن إِلَى الْبَريَّة من شدَّة اضْطِرَاب الأَرْض وتساقطت السقوف والحيطان وفرت الطُّيُور عَن أوكارها وَمَاجَتْ فِي السَّمَاء زَمَانا حَتَّى سكنت الزلزلة وعمت هَذِه الرجفة جَمِيع بِلَاد الأندلس سهلها وجبالها وَجَمِيع بِلَاد العدوة من تلمسان إِلَى طنجة وَمن الْبَحْر الرُّومِي إِلَى أقْصَى الْمغرب إِلَّا أَنَّهَا لم يمت فِيهَا أحد لطفا من الله تَعَالَى بخلقه
وَفِي سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ طبقت الْفِتْنَة جَمِيع آفَاق الأندلس وَالْمغْرب وإفريقية
وَفِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ كَانَت المجاعة الشَّدِيدَة الَّتِي عَمت جَمِيع بِلَاد الأندلس وبلاد العدوة حَتَّى أكل النَّاس بَعضهم بَعْضًا ثمَّ عقب ذَلِك وباء وَمرض وَمَوْت كَبِير هلك فِيهِ من الْخلق مَا لَا يُحْصى فَكَانَ يدْفن فِي الْقَبْر الْوَاحِد عدد من النَّاس لِكَثْرَة الْمَوْتَى وَقلة من يقوم بهم وَكَانُوا يدفنون من غير غسل وَلَا صَلَاة وَالْأَمر لله وَحده
الْخَبَر عَن دولة يحيى بن إِدْرِيس بن عمر بن إِدْرِيس
لما قتل يحيى العدام فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم ولي الْأَمر من بعده يحيى بن إِدْرِيس بن عمر بن إِدْرِيس فَبَايعهُ أهل عدوة فاس وخطب لَهُ بهما وامتد ملكه على جَمِيع أَعمال الْمغرب وخطب لَهُ على سَائِر منابره