مَجِيء السُّلْطَان زَيْدَانَ إِلَى الْمغرب واستيلاؤه على مراكش وطرده عبد الله بن الشَّيْخ عَنْهَا
كَانَ السُّلْطَان زَيْدَانَ لما فر من فاس إِلَى تلمسان كَمَا مر أَقَامَ بهَا مُدَّة وَكَانَ قد بعث إِلَى ترك الجزائر يستمدهم ويستعديهم على أَخَوَيْهِ فأبطؤوا عَلَيْهِ وَطَالَ عَلَيْهِ انتظارهم فَلَمَّا يئس مِنْهُم توجه إِلَى سجلماسة فَدَخلَهَا من غير قتال وَلَا محاربة ثمَّ انْتقل عَنْهَا إِلَى درعة وَمِنْهَا إِلَى السوس فَكتب إِلَيْهِ أهل مراكش وَقد ندموا على مَا فرطوا فِيهِ من أمره وَالدُّخُول فِي طَاعَته أَن يَأْتِيهم وَلَو وَحده فَتوجه إِلَيْهِم وَدخل عَلَيْهِم لَيْلًا فَلم يفجأ عبد الله بن الشَّيْخ إِلَّا نِدَاء أهل مراكش بنصر السُّلْطَان زَيْدَانَ وتحزبوا مَعَه وتقدموا إِلَى قائدهم عبد الله آعراس الَّذِي ولاه عَلَيْهِم الشَّيْخ فَقَتَلُوهُ وَخرج عبد الله فَارًّا بجموعه من أهل فاس والغرب فَحَاصَرَهُمْ أهل مراكش بَين الأسوار والجنات وَقتلُوا من أَصْحَاب عبد الله بِموضع يعرف بجنان بكار نَحْو الْخَمْسَة آلَاف وَخَمْسمِائة وَأمر زَيْدَانَ بقتل كل من تخلف عَن عبد الله من جَيْشه فَأتى الْقَتْل على جَمِيع من وجد بمراكش من جَيش أهل فاس وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر سنة خمس عشرَة وَألف وفر عبد الله بن الشَّيْخ ناجيا بِنَفسِهِ حَتَّى قدم على أَبِيه بفاس فِي أَسْوَأ الْحَالَات مفلول العساكر مهزوم الجموع معتاضا عَن جَيش النَّصْر بِجَيْش الدُّمُوع