حمدا لمن أَضَاء عقول الْخلف بأنوار تواريخ السّلف وَصَلَاة وَسلَامًا على من قصّ عَلَيْهِ أحسن الْقَصَص فِي كِتَابه الْمكنون وَأخْبرهُ بسرائر مَا كَانَ وَمَا يكون وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين أشرقت صَحَائِف التَّارِيخ بآياتهم الباهية الباهرة وتزينت المحافل بمحاسن إحسانهم الزاهية الزاهرة أما بعد فَإِن علم التَّارِيخ كنز يجب التحلي بنفائس فرائده وَروض لَا غنية لأحد عَن مجاني فَوَائده وَكم للْعُلَمَاء فِيهِ من تصانيف مهمة عَادَتْ بالمنافع الجمة على كل أمة فَلم ترتق أمة إِلَى عرش تمدنها إِلَّا بتبحرها فِي هَذَا الْفَنّ وتفننها وَأَن أجل مَا ألف فِيهِ كتاب الاستقصا لأخبار دوَل الْمغرب الْأَقْصَى فَهُوَ أول كتاب كشف الغطاء عَن هَذِه الممالك وَقرب لمن يهمه الْوُقُوف على حَقِيقَة أَخْبَارهَا جَمِيع المسالك وَأَبَان عَن أول من دَخلهَا من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم لرفع أَعْلَام الْإِسْلَام وَمَا هِيَ عَلَيْهِ من المعارف الَّتِي لم تطو سجلات نشرها تعاقب الْأَيَّام لَا سِيمَا بِلَاد الأندلس وَمَا لَهَا من الحضارة والأبهة والنضارة وَمَا لبلاد الجزائر من كل أثر جليل يشْهد برفعة قدرهَا جيلا بعد جيل مَعَ تَحْرِير التراجم للملوك والأعاظم وَمَا دهم هَذِه الْبِلَاد من الوقائع الحربية الَّتِي أثارت غبارها يَد الدسائس الْأَجْنَبِيَّة وَمَا ثَبت لهَذِهِ الدول من الاختراعات والاستكشافات وَمَا بَينهَا وَبَين الدول الْأُخْرَى من المواصلات والمعاهدات كل ذَلِك بعبارات صَادِقَة ومحررات شائقة
(حَدِيث الْمغرب الْأَقْصَى ... قد استقصاه الاستقصا)