مُقيما بقصبة آلزم وَتَوَلَّى العبيد بمكناسة النَّقْض والإبرام لتأخر مَجِيء السُّلْطَان وَظهر مِنْهُم الإدلال والاستبداد على الدولة وبعثوا من قبلهم الْقَائِد أَبَا مُحَمَّد عبد الله الحمري واليا على فاس وَقَالُوا عَن أَمر الدِّيوَان وَكثر القطاع بالطرقات واللصوص بِالْمَدِينَةِ وعادت هيف إِلَى أديانها
مَجِيء السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى مكناسة وَمَا ارْتَكَبهُ من أَهلهَا
وَفِي خَامِس عشر رَجَب سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وَألف تحرّك السُّلْطَان الْمولى عبد الله من آلزم وَقدم مكناسة فَقبض على قاضيها الْفَقِيه أبي الْقَاسِم العميري وَالسَّيِّد أبي الْعَبَّاس أَحْمد الشدادي وَالْعَبَّاس بن رحال والفقيه المليتي وأزال عمائمهم وَفَضَحَهُمْ وَقَالَ لَهُم كَيفَ تزوجون حرمي من أخي وَأَنا حَيّ وَنكل بهم النكال الشَّديد ثمَّ أَمر بسحبهم إِلَى السجْن وَأعْطى دَار القَاضِي العميري أحد العبيد وَقَالَ لَهُم من أَرَادَ مِنْكُم دَارا بمكناسة فليأخذها فامتدت أَيدي العبيد فِي النَّاس حَتَّى صَارُوا يقفون بالأبواب وَيَقُول العَبْد لصَاحب الدَّار إِن سَيِّدي قد أَعْطَانِي دَارك أَو أَعْطَانِي ابْنَتك فيفتدي مِنْهُ بِالْمَالِ ولحقهم من العبيد فَوق مَا يُوصف وَمن شكى مِنْهُم عُوقِبَ وسجن وَالسُّلْطَان مُقيم بِبَاب الرّيح لم يدْخل القصبة الَّتِي كَانَ بهَا الْمولى المستضيء
وَولى فِي هَذِه الْمدَّة على فاس شيخ الركب الْحَاج عبد الْخَالِق عديل وَولى على قَضَائهَا الْفَقِيه أَبَا يَعْقُوب يُوسُف بن أبي عنان وَتقدم إِلَيْهِ فِي أَن يعْزل الْقُضَاة والخطباء الَّذين خطبوا بالمولى المستضيء فِي سَائِر الْبلدَانِ
وَأما الودايا فَإِنَّهُ لم يقدم على الْمولى عبد الله مِنْهُم أحد وَلَا بَايعُوهُ وَكَذَا الباشا أَحْمد بن عَليّ الريفي وَأهل الرِّيف والفحص وقبائل الْجَبَل فَاغْتَمَّ الْمولى عبد الله لذَلِك ثمَّ شفعت الْحرَّة خناثى أم السُّلْطَان فِي قَومهَا الودايا وَبعثت إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم فقبلهم وَعَفا عَنْهُم