ظلمها الْعمَّال فِي أَيَّام أَبِيه وَأكْرم الْفُقَهَاء وراعى الصلحاء وَأهل الْفضل وأجرى على أَكْثَرهم الْإِنْفَاق من بَيت المَال وَفرق فِي الْمُوَحِّدين وَسَائِر الأجناد أَمْوَالًا جمة وَكَانَ أول شَيْء حدث فِي دولته شَأْن بني غانية المسوفيين أَصْحَاب جَزِيرَة ميورقة وأعمالها فلنأت بِشَيْء من ذَلِك
خُرُوج عَليّ بن إِسْحَاق المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية على يَعْقُوب الْمَنْصُور
قد تقدم لنا فِي أَخْبَار الدولة اللمتونية أَن أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين اللمتوني كَانَ قد اسْتعْمل على الجزائر الشرقية من بِلَاد الأندلس وَهِي ميورقة ومنورقة ويابسة مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية وَهِي أَهَمَّهُمْ فتوارثها بنوه من بعده إِلَى أَيَّام يُوسُف بن عبد الْمُؤمن فَبعث إِلَيْهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد المسوفي الْمَذْكُور بِالطَّاعَةِ فَقبل ذَلِك يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَبعث إِلَيْهِ قائده عَليّ بن الروبرتير ليختبر أمره ويعقد لَهُ الْبيعَة عَلَيْهِ ويؤكد الْأَمر فِي ذَلِك
وَكَانَ لمُحَمد بن إِسْحَاق الْمَذْكُور عدَّة اخوة يساهمونه فِي الرياسة فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِم ابْن الروبرتير وَعَلمُوا الْأَمر الَّذِي قدم لأَجله أَنْكَرُوا على أخيهم ذَلِك لِأَنَّهُ لم يكن أعلمهم بمكاتبة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن فخلصوا نجيا دونه وتقبضوا عَلَيْهِ وعَلى ابْن الروبرتير وَقدمُوا مَكَانَهُ أَخَاهُم عَليّ بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد ثمَّ بَلغهُمْ خبر وَفَاة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَولَايَة ابْنه يَعْقُوب الْمَنْصُور فَركب عَليّ بن إِسْحَاق أسطوله وطرق بجاية على حِين غَفلَة من أَهلهَا وَعَلَيْهَا يَوْمئِذٍ السَّيِّد أَبُو الرّبيع بن عبد الله بن عبد الْمُؤمن
وَكَانَ خَارِجا فِي بعض مذاهبه فاستولى عَلَيْهَا ابْن غانية فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة