الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رَحمَه الله
هَذَا السُّلْطَان هُوَ الَّذِي أنعش دولة بني مرين بعد تلاشيها وَأعَاد إِلَيْهَا شبابها بعد هرمها وتقاضيها وأزال عَنْهَا وصمة الْحجر والاستبداد وأعادها من الْعِزّ إِلَى حَالهَا الْمُعْتَاد وَهُوَ الَّذِي ذكره ابْن خلدون فِي أول تَارِيخه الْكَبِير وألفه برسمه وحلى ديباجته باسمه أمه مولدة اسْمهَا مَرْيَم صفته أَدَم اللَّوْن شَدِيد الأدمة طَوِيل الْقَامَة يشرف على النَّاس بِطُولِهِ نحيف الْجِسْم أعين أدعج أخنس فِي وَجهه أثر جدري وَكَانَ عَفا متمسكا بِالدّينِ محبا فِي الْخَيْر وَأَهله لم يشرب خمرًا وَلَا وَقع فِي فَاحِشَة قطّ وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من صالحي الْمُلُوك رَحمَه الله
وَلما كَانَ من الْوَزير عمر بن عبد الله الياباني إِلَى السُّلْطَان أبي زيان رَحمَه الله مَا كَانَ من الخنق وَالْإِلْقَاء فِي الْبِئْر استدعى عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن هَذَا وَكَانَ فِي بعض الدّور من القصبة بفاس محتاطا عَلَيْهِ من قبل الْوَزير الْمَذْكُور فَأحْضرهُ بِالْقصرِ وَأَجْلسهُ على سَرِير الْملك وَبَايَعَهُ وَفتحت الْأَبْوَاب لبني مرين وَسَائِر الْخَاصَّة والعامة فازدحموا على تَقْبِيل يَده معطين الصَّفْقَة بِطَاعَتِهِ فتم أمره وَثَبت ملكه وَذَلِكَ يَوْم الْأَحَد الثَّانِي وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ثمَّ إِن الْوَزير عمر جرى مَعَه على عَادَته من الاستبداد وَمنع التَّصَرُّف فِي شَيْء من أُمُور الْملك فَأَنف السُّلْطَان عبد الْعَزِيز من ذَلِك وتأفف مِنْهُ ودارت بَينه وَبَين الْوَزير أُمُور إِلَى أَن عمل السُّلْطَان على الفتك بِهِ فأعد لَهُ جمَاعَة من الخصيان بزوايا دَاره ثمَّ أحضرهُ ووبخه وثار بِهِ أُولَئِكَ الخصيان فتناولوه هبرا بِالسُّيُوفِ وَصَاح الْوَزير الْمَذْكُور صَيْحَة أسمع بهَا بطانته خَارج الدَّار فَوَثَبُوا على الْأَبْوَاب فكسروها